وما يؤثر عنهم من قول أو عمل في أحكام الدين، كما يحتجون بما يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من السنة، ثقة بإيمانهم، وطمأنينة بعدالتهم، ويرون أنهم لا ينبسون ببنت شفة ولا يخطون في أمر الدين خطوة إلا بأثر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسموع أن منقول:
أو مشاهدة عمل منه صلى الله عليه وآله وسلم يطابق ما يرتأونه أو يعملون به، فهل على مؤمن هذا شأنه قذف أثقل عليه من هذا؟ أو تشويه أمس بكرامته من ذلك؟ ولعمر الحق أن من يغض عن مثله فلا يستثيره خلو عن العاطفة الدينية، خلو عن الحماس الاسلامي، خلو عن الشهامة المبدئية، خلو عن الغيرة على الحق، خلو وخلو. ولذلك اشتدت الصحابة عليه بعد وقوفهم على هذا وأمثاله.
ثم إنه ليس لأحد طاعة مفترضة على أعناق المسلمين بعد الله ورسوله إلا إمام حق يعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والمتجمهرون على عثمان وهم الصحابة أجمع كانوا يرون أنه تخطاهما، وأن ما كان ينوء به من فعل أو قول قد عديا الحق منهما، فأي طاعة واجبة والحال هذه وحسبان القوم كما ذكرناه حتى يؤاخذوا على الخلف؟.
والبيعة إنما لزمت إن كان صاحبها باقيا على ما بويع عليه، والقوم إنما بايعوه على متابعة الكتاب والسنة والمضي على سيرة الشيخين، وبطبع الحال أنها تنتكث عند نكوص صاحبها عن الشروط، وهو الذي نقمه المسلمون على خليفتهم، فلا موجب لمؤاخذتهم أو منابذتهم، وهاهنا رأى المسلمون أن الرجل زاد ضغثا على أبالة، فهو على أحداثه الممقوتة طفق يستثير الجنود عليهم، ويعرضهم على القتل والنهب، فتداركوا الأمر فأوردوه حياض المنية قبل أن يجلب إليهم البلية، وتلافوا الأمر قبل أن يمسهم الشر، وما بالهم لا تستثيرهم تلكم القذائف؟ وهم يرون أنهم هم الذين آووا ونصروا ولم يألوا جهدا في جهاد الكفار حتى ضرب الدين بجرانه، فمن العجيب والحالة هذه أن يشبهوا بالأحزاب والكفرة يوم أحد.
* (ومنها) * تلونه في باب التوبة التي تظاهر بها على صهوة المنبر بملأ من الصحابة، وسجل ذلك بكتاب شهد عليه عدة من أعيان الأمة وفي مقدمهم سيدنا أمير المؤمنين علي عليه السلام، وكتب ذلك إلى الأمصار النائية كما تقدم في صفحة 171 و