أبي طالب ويعتقده) بواسط العراق سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بإسناد له إلى الواقدي قال: كان أبو طالب بن عبد المطلب لا يغيب صباح النبي ولا مساءه، ويحرسه من أعداءه ويخاف أن يغتالوه، فلما كان ذات يوم فقده فلم يره وجاء المساء فلم يره وأصبح الصباح فطلبه في مظانه فلم يجده فلزم أحشاءه وقال: وا ولداه وجمع عبيده ومن يلزمه في نفسه قال لهم: إن محمدا قد فقدته في أمسنا ويومنا هذا ولا أظن إلا أن قريشا قد اغتالته وكادته وقد بقي هذا الوجه ما جئته وبعيد أن يكون فيه واختار من عبيده عشرين، رجلا، فقال: امضوا وأعدوا سكاكين وليمض كل رجل منكم وليجلس إلى جنب سيد من سادات قريش فإن أتيت ومحمد معي فلا تحدثن أمرا وكونوا على رسلكم حتى أقف عليكم، وإن جئت وما محمد معي فليضرب كل منكم الرجل الذي إلى جانبه من سادات قريش فمضوا وشحذوا سكاكينهم حتى رضوها، ومضى أبو طالب في الوجه الذي أراده ومعه رهطه من قومه فوجده في أسفل مكة قائما يصلي إلى جنب صخرة فوقع عليه وقبله وأخذ بيده وقال: يا بن أخ! قد كدت أن تأتي على قومك، سر معي، فأخذ بيده وجاء إلى المسجد وقريش في ناديهم جلوس عند الكعبة فلما رأوه قد جاء ويده في يد النبي صلى الله عليه وآله قالوا: هذا أبو طالب قد جاءكم بمحمد إن له لشأنا، فلما وقف عليهم والغضب في وجهه قال لعبيده: أبرزوا ما في أيديكم فأبرز كل واحد منهم ما في يده فلما رأوا السكاكين قالوا: ما هذا يا أبا طالب؟ قال: ما ترون، إني طلبت محمدا فلم أره منذ يومين فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم فأمرت هؤلاء أن يجلسوا حيث ترون وقلت لهم: إن جئت وليس محمد معي فليضرب كل منكم صاحبه الذي إلى جنبه ولا يستأذني فيه ولو كان هاشميا فقالوا: وهل كنت فاعلا؟ فقال: أي ورب هذه وأومى إلى الكعبة، فقال له المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان من أحلافه: لقد كدت تأتي على قومك؟ قال: هو ذلك. ومضى به وهو يقول:
إذهب بني فما عليك غضاضة * إذهب وقر بذاك منك عيونا والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا ودعوتني وعلمت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا