فراق دين عبد المطلب (1).
قال الأميني لم يكن دين عبد المطلب سلام الله عليه إلا دين التوحيد والإيمان بالله ورسله وكتبه غير مشوب بشئ من الوثنية، وهو الذي كان يقول في وصاياه: إنه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبه عقوبة. إلى أن هلك ظلوم لم تصبه عقوبة. فقيل له في ذلك ففكر في ذلك فقال: والله إن وراء هذه الدار دار يجزى فيها المحسن بإحسانه، ويعاقب المسئ بإساءته، وهو الذي قال لأبرهة: إن لهذا البيت ربا يذب عنه ويحفظه، وقال وقد صعد أبا قبيس:
لا هم إن المرء يمنع * حله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم * ومحالهم عدوا محالك فانصر على آل الصليب * وعابديه اليوم آلك إن كنت تاركهم وكعبتنا * فأمر ما بدا لك (2) ويعرب عن تقدمه في الإيمان الخالص والتوحيد الصحيح انتماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه ومباهاته به يوم حنين بقوله:
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب (3) وقد أجاد الحافظ شمس الدين بن ناصر بن الدمشقي في قوله:
تنقل أحمد نورا عظيما * تلالا في جباه الساجدينا تقلب فيهم قرنا فقرنا * إلى أن جاء خير المرسلينا (4) وهذا هو الذي أراده أبو طالب سلام الله عليه بقوله: نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب. وهو صريح بقية كلامه، وقد أراد بهذا السياق التعمية على الحضور لئلا يناصبوه العداء بمفارقتهم، وهذا السياق من الكلام من سنن العرب في