وقد أصدر الشاميون فتيا وكتب عليها البرهان ابن الفركاخ الفزاري نحو أربعين سطرا بأشياء إلى أن قال بتكفيره، ووافقه على ذلك الشهاب بن جهبل، وكتب تحت خطه كذلك المالكي، ثم عرضت الفتيا لقاضي القضاة الشافعية بمصر البدر بن جماعة فكتب على ظاهر الفتوى: الحمد لله هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قوله: إن زيارة الأنبياء والصالحين بدعة. وما ذكره من نحو ذلك ومن أنه لا يرخص بالسفر لزيارة الأنبياء باطل مردود عليه، وقد نقل جماعة من العلماء أن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة وسنة مجمع عليها، وهذا المفتي المذكور - يعني ابن تيمية - ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوى الباطلة عند الأئمة والعلماء، ويمنع من الفتاوى الغريبة، ويحبس إذا لم يمتنع من ذلك، ويشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به.
وكتبه محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الشافعي.
وكذلك يقول محمد بن الجريري الأنصاري الحنفي، لكن يحبس الآن جزما مطلقا.
وكذلك يقول محمد بن أبي بكر المالكي ويبالغ في زجره حسبما تندفع تلك المفسدة وغيرها من المفاسد.
وكذلك يقول أحمد بن عمر المقدسي الحنبلي.
راجع دفع الشبه ص 45 - 47 وهؤلاء الأربعة هم قضاة قضاة المذاهب الأربعة بمصر أيام تلك الفتنة في سنة 726 (1).
وكان من معاصريه من ينهاه عن غيه كالذهبي فإنه كتب إليه ينصحه، وإليك نص خطابه إياه:
الحمد لله على ذلتي، يا رب ارحمني وأقلني عثرتي، واحفظ علي إيماني، واحزناه على قلة حزني، وواأسفاه على السنة وأهلها، واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء، واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات، آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وتبا لمن شغله عيوب الناس عن عيبه، إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينيك؟ إلى كم تمدح