وفى أخرى انه قاله بالمدينة في مرضه الذي توفى فيه وقد امتلأت الحجرة من أصحابه وانما كرره عليهم في مواطن كثيرة خوفا عن الرد على العترة هلاكة الأمة وقد ورد في أكثر طرق الحديث انه صلى الله عليه وآله حين أراد أن يأمر الأمة بالتمسك بالكتاب الكريم والعترة الطاهرة قا خطيبا أو كان على ناقته القصوى أو على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ووعظهم وذكرهم وهذا أيضا يدل على عظم قدرهما وكبر شأنهما وعلى شدة اهتمامه صلى الله عليه وآله وسلم بتمسك الأمة بهما.
قال ابن حجر المكي في الصواعق ص 89 (بعد ايراد طرق كثيرة لهذا الحديث المنيف) ثم اعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا ومر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه وفى بعض تلك الطرق أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة وفى أخرى انه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة من أصحابه وفى أخرى أنه قال ذلك بغدير خم وفى أخرى انه قاله لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر ولا تنافي إذ لا مانع من انه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة انتهى.
واما شرح الحديث فلنبدأ به مستعينا بالله تعالى معتصما بحوله وقوته ومصليا على النبي وآله.
فنقول قوله صلى الله عليه وآله انما انا بشر يوشك ان يأتي رسول ربى فأجيب (أو ما يقرب ذلك) اخبار بدنو موته صلى الله عليه وآله وتذكار لهم بان الله هو الرب واليه المرجع فلا تنسوه وتنبيه على أن هذا آخر ما أوصيكم به فاستمعوا له واعملوا به.
قوله صلى الله عليه وآله انى تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي اهل بيتي " أو بمعناه ".
ففي قوله انى تارك تلويح بأنهما بمنزلة نفسه وخليفتاه كما صرح به في غير واحد من طرقه مثل ما رواه محمد بن مسلم ابن أبي الفوارس وغيره ففي روايته انى تارك فيكم كتاب الله وعترتي اهل بيتي فهما خليفتان بعدي فيظهر منه انه يجب على