حافيا حاسرا يضرب على رأسه، ويقبض على لحيته، ويتأسف ويبكي وتسيل الدموع (1) على خديه.
فوقف على الرضا عليه السلام وقد أفاق، فقال: يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي، فقدي لك وفراقي إياك، أو تهمة الناس لي إني اغتلتك وقتلتك؟! قال: فرفع عليه السلام طرفه إليه، ثم قال: أحسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر، فإن عمرك وعمره هكذا - وجمع بين سبابتيه -، قال: فلما كان من تلك الليلة قضى عليه بعدما ذهب من الليل بعضه (2)..
وروي أنه كان آخر ما تكلم به * (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) * (3) و * (كان أمر الله قدرا مقدورا) * (4) (5).
فلما أصبح اجتمع الخلق، وقالوا: هذا قتله واغتاله - يعني (6) المأمون -، وقالوا: قتل ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وأكثروا القول والجلبة (7).
وكان محمد بن جعفر بن محمد استأمن إلى المأمون وجاء إلى خراسان، وكان عم أبي الحسن، فقال له المأمون: يا أبا جعفر اخرج إلى الناس وأعلمهم أن أبا الحسن لا يخرج اليوم، وكره أن يخرجه فتقع الفتنة، فخرج محمد بن جعفر إلى الناس، فقال: أيها الناس تفرقوا فأن أبا الحسن اليوم لا يخرج، فتفرق الناس، وغسل أبو الحسن عليه السلام في الليل ودفن (8).
وروى السيد الشبلنجي في نور الأبصار عن هرثمة بن أعين، وكان من خدم