[إلى] (1) وهدة، فقال لي قف: ها هنا [قال] (2) فوقفت، فأتاني، فقلت له: جعلت فداك أين كنت؟ قال: دفنت أبي الساعة، وكان بخراسان (3).
وروى أبو الفرج عن أبي الصلت، أنه لما مات الرضا عليه السلام، حضره المأمون قبل أن يحفر قبره، وأمر أن يحفر إلى جانب أبيه، ثم أقبل علينا، فقال حدثني صاحب هذا النعش: أنه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء وسمك، احفروا فحفروا، فلما انتهوا إلى اللحد نبع ماء وظهر فيه سمك، ثم غاض الماء، فدفن فيه الرضا عليه السلام (4).
أقول: الذي أفيض علي ببركة مولانا أبي الحسن الرضا عليه السلام في ظهور السمك والماء في قبره الشريف، لعل هو تنبيه المأمون بانتقام الله تعالى منه، بزوال ملكه وحلول الغضب عليه، وهلاكه بالسمك والماء، لاغتياله الرضا عليه السلام.
قال الدميري في تعبير السمك: وربما دلت رؤيته على الغم والنكد، وزوال المنصب، وحلول الغضب، لأن الله تعالى حرم على اليهود صيدهم يوم السبت، فخالفوا أمره واستوجبوا اللعن، انتهى (5).
وأما هلاك المأمون بالسمك والماء، فقد حكى المسعودي في مروج الذهب في أخبار المأمون وغزاته أرض الروم، ما هذا ملخصه: وانصرف غزاته، فنزل على عين البديدون المعروفة بالقشيرة، فأقام هنالك [حتى ترجع رسله من الحصون] (6) فوقف على العين [ومنبع الماء] (7)، فأعجبه برد مائها وصفاؤه وبياضه وطيب حسن الموضع وكثرة الخضرة، فأمر بقطع خشب طوال فبسط على العين كالجسر، وجعل فوقه كالأزج من الخشب وورق الشجر، وجلس تحت الكنيسة التي قد عقدت له والماء تحته، وطرح في الماء درهما صحيحا فقرأ كتابته وهو في قرار الماء الماء، ولم يقدر أحد أن يدخل يده في الماء من شدة برده، فبينا