وخرج. ومشى معي خطوات، فنظرت إلى ضلال وأشجار ومنارة مسجد، فقال:
أتعرف هذا البلد؟ قلت: إن بقر ب بلدنا بلدة تعرف باستاباد (1) وهي تشبهها، قال:
فقال هذه استاباد (2) إمض راشدا، فالتفت فلم أره، ودخلت استاباد (3) وإذا في الصرة أربعون أو خمسون دينارا.
فوردت همدان وجمعت أهلي وبشرتهم بما أتاح الله لي ويسره عز وجل ولم نزل بخير، ما بقي معنا من تلك الدنانير (4).
أقول: استاباد هي التي تعرف اليوم بأسد آباد وهي قريب من همدان وبينهما عقبة كئود (5)، وسمعت أن قبر هذا الرجل بأسد آباد معروف والله تعالى العالم.
قال العلامة المجلسي، أخبرني والدي رحمه الله قال: كان في زماننا رجل شريف صالح كان يقال له: أمير إسحاق الاستربادي، وكان قد حج أربعين حجة ماشيا، وكان قد اشتهر بين الناس أنه، تطوى له الأرض، فورد في بعض السنين بلدة إصفهان، فأتيته وسألته عما اشتهر فيه.
فقال: كان سبب ذلك أني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين إلى بيت الله الحرام، فلما وصلنا إلى موضع كان بيننا وبين مكة سبعة منازل أو تسعة تأخرت عن القافلة لبعض الأسباب حتى غابت عني، وظللت عن الطريق وتحيرت وغلبني العطش حتى أيست من الحياة، فناديت يا صالح يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله، فتراءى لي في منتهى البادية، شبح، فلما تأملته حضر عندي في زمان يسير، فرأيته شابا حسن الوجه نقي الثياب أسمر على هيئة الشرفاء راكبا على جمل ومعه أداوة، فسلمت عليه فرد علي السلام، وقال: أنت عطشان؟ قلت: نعم، فأعطاني الأداوة فشربت، ثم قال: تريد أن تلحق القافلة؟ قلت: نعم.