فلما كان من الغد عدت إليه، فقلت له: يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما أنعمت (1) [به] علي فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طول الغيبة يا أحمد، فقلت له: يا ابن رسول الله وإن غيبته لتطول؟ قال: إي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، فلا يبقى إلا من أخذ الله [عز وجل] عهده بولايتنا، وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه.
يا أحمد بن إسحاق: هذا أمر من الله، وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما أتيتك واكتمه، وكن من الشاكرين تكن معنا غدا في عليين (2).
روى الشيخ الطوسي عن أحمد بن عبدون عن أبي الحسن الشجاعي عن أبي الحسن الشجاعي عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم النعماني عن يوسف بن أحمد الجعفري، قال: حججت سنة ست وثلاثمائة وجاورت بمكة تلك السنة، وما بعدها إلى سنة تسع وثلاثمائة، ثم خرجت عنها منصرفا إلى الشام.
فبينا أنا في بعض الطريق وقد فاتتني صلاة الفجر فنزلت من المحمل وتهيأت للصلاة، فرأيت أربعة نفر في محمل، فوقفت أعجب منهم، فقال أحدهم:
مم تعجب؟ تركت صلاتك وخالفت مذهبك، فقلت للذي يخاطبني: وما علمك بمذهبي؟ فقال: تحب أن ترى صاحب زمانك؟ قلت: نعم، فأومأ إلى أحد الأربعة، فقلت [له] (3): إن له دلائل وعلامات، فقال: أيما أحب إليك أن ترى الجمل وما عليه صاعدا إلى السماء؟ أو ترى المحمل صاعدا إلى السماء؟ فقلت: أيهما كان فهي دلالة.
فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء، وكان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة، وكان لونه الذهب، بين عينيه سجادة (4).