وركب أبي وبنو هاشم والقواد والكتاب وسائر الناس إلى جنازته عليه السلام، فكانت سر من رأى - يومئذ - شبيهة بالقيامة.
فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى [بن] (1) المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنا أبو عيسى منها فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء والمعدلين وقال: هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام، مات حتف أنفه على فراشه، حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان، ومن المتطببين فلان وفلان، ومن القضاة فلان وفلان، ثم غطى وجهه وقام، فصلى عليه وكبر عليه خمسا وأمر بحمله، وحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه، عليهما السلام.
فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده، وكثر التفتيش في المنازل والدور، وتوقفوا على قسمة ميراثه، ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين وأكثر حتى تبين لهم بطلان الحبل، فقسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر، وادعت أمه وصيته، وثبت ذلك عند القاضي، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده.
فجاء جعفر بعد قسمته الميراث إلى أبي، وقال له: اجعل لي مرتبة أبي وأخي وأوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار [مسلمة] (2)، فزبره أبي واسمعه، وقال له: يا أحمق إن السلطان أعزه الله جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردهم عن ذلك، فلم يقدر عليه ولم يتهيأ له صرفهم عن هذا القول فيهما، وجهد أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة، فلم يتهيأ له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة بك إلى سلطان يرتبك مراتبهم، ولا غير سلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بها، واستقله [أبي] (3) عند ذلك