اتق الله، فإنك لا تدري من في منزلك؟ وذكرت له صلاحه وعبادته، وقالت له:
إني أخاف عليك منه، فقال: والله لأرمينه بين السباع، ثم استأذن في ذلك، فأذن له، فرمي به إليها، ولم يشكوا في أكلها له، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال، فوجوده عليه السلام قائما يصلي، وهي حوله، فأمر بإخراجه إلى داره (1).
أقول: والى هذه الدلالة الباهرة أشير في التوسل به عليه السلام في الساعة الحادية عشر: * (وبالامام الثقة الحسن بن علي عليهما السلام الذي طرح للسباع فخلصته من مرابضها، وامتحن بالدواب الصعاب فذللت له مراكبها) * (2).
وفي الفقرة الثانية إشارة إلى ما شاع وذاع من أنه كان للخليفة المستعين بالله بغل صعب شموس لا يقدر أحد على إلجامه ولا إسراجه ولا على ركوبه، فجاء أبو محمد عليه السلام يوما إلى رؤية الخليفة، فقال له: التمس منك يا أبا محمد إلجام هذا البغل وإسراجه، وكان غرضه إما يذلل البغل ويركبه أو يقتله البغل، فقام عليه السلام ووضع يده على كفل البغل فعرق، حتى سال العرق منه، وصار في غاية التذلل له، فأسرجه وألجمه، ثم ركبه وأركضه في الدار، فتعجب الخليفة من ذلك ووهبه له عليه السلام (3).
المناقب، أبو القاسم الكوفي في كتاب التبديل: أن إسحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه، أخذ في تأليف تناقض القرآن وشغل نفسه بذلك، وتفرد به في منزله، وإن بعض تلامذته دخل يوما على الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
فقال له أبو محمد عليه السلام: أما فيكم رجل رشيد يردع أستاذكم الكندي عما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟ فقال التلميذ: نحن من تلامذته، كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا، أو في غيره؟ فقال له أبو محمد عليه السلام: أتؤدي إليه