فقصده، فلما وصل إليه قال عليه السلام له: ما حاجتك؟ فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب عليه السلام وقد ركبني دين فادح أثقلني حمله، ولم أر من أقصده لقضائه سواك، فقال له أبو الحسن عليه السلام: طب نفسا وقر عينا، ثم أنزله.
فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبو الحسن عليه السلام: أريد منك حاجة (1)، الله الله أن تخالفني فيها، فقال الأعرابي: لا أخالفك، فكتب أبو الحسن عليه السلام ورقة بخطه معترفا فيها إن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح على دينه، وقال: خذ هذا الخط فإذا وصلت إلى سر من رأى أحضر إلي وعندي جماعة فطالبني به، وأغلظ القول علي في ترك ابقائك (2) إياه، الله الله في مخالفتي، فقال: افعل، وأخذ ا لخط.
فلما وصل أبو الحسن عليه السلام إلى سر من رأى وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم، حضر ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه، وقال: كما أوصاه، فألان أبو الحسن عليه السلام له القول ورفقه وجعل يعتذر إليه ووعده بوفائه وطيبة نفسه، فنقل ذلك إلى الخليفة المتوكل فأمر أن يحمل إلى أبي الحسن عليه السلام ثلاثون ألف درهم.
فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الرجل، فقال: خذ هذا المال فأقض منه دينك، وأنفق الباقي على عيالك وأهلك وأعذرنا، فقال له الأعرابي: يا ابن رسول الله والله أن أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالته، وأخذ المال وانصرف، وهذه منقبة من سمعها حكم له بمكارم الأخلاق (3).
قلت: ويشبه هذا ما روي عن الديلمي في كتاب أعلام الدين (4) عن أبي امامه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذات يوم لأصحابه: ألا أحدثكم عن الخضر؟ قالوا: بلى يا