نفسي من الله بمائه دينار، وقد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا عليهم السلام معي، فقا ل له والدي: قد وفقت في هذا.
قال: وخرج إلى حضرة المتوكل وانصرف إلينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا، فقال له والدي: حدثني حديثك، قال: صرت إلى سر من رأى وما دخلتها قط، فنزلت في دار وقلت أحب أن أوصل المائة الدينار إلى ابن الرضا عليه السلام قبل مصيري إلى باب المتوكل، وقبل أن يعرف أحد قدو مي، قال: فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب، وأنه ملازم لداره، فقلت: كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا عليه السلام؟ لا آمن أن يبدر (1) بي فيكون ذلك زيادة فيما أحاذره.
قال: ففكرت ساعة في ذلك، فوقع في قلبي أن أركب حماري وأخرج في البلد، ولا أمنعه من حيث يذهب، لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحدا، قال: فجعلت الدنانير في كاغذة، وجعلتها في كمي وركبت، فكان الحمار يخترق الشوارع والأسواق يمر حيث يشاء إلى أن صرت إلى باب دار، فوقف الحمار، فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار؟ فقيل: هذه دار ابن الرضا عليه السلام، فقلت: الله أكبر دلالة [والله] مقنعة.
قال: وإذا خادم أسود قد خرج فقال: أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم، قال:
انزل، فنزلت فأقعدني في الدهليز ودخل، فقلت في نفسي هذه دلالة أخرى، من أين عرف هذا الغلام (2) اسمي؟ وليس في هذا البلد من يعرفني، ولا دخلته قط؟!
[قال] (3): فخرج الخادم، فقال مائة دينار التي في كمك في الكاغذة هاتها!؟
فناولته إياها، فقلت: وهذه ثالثة، ثم رجع إلي، فقال: ادخل، فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده، فقال: يا يوسف أما آن لك [أن تسلم] (4)؟ فقلت: يا مولاي قد بان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفى، فقال: هيهات [أما] (5) إنك لا تسلم، ولكن