بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: حمدا لله الذي جعل الحمد ثمنا لثوابه ونجاة يوم الوعيد من عقابه، والصلاة على محمد الذي شرفت الأماكن بذكره وعطرت المساكن بريا 1 نشره، وعلى آله وأصحابه الذين عظم قدرهم بقدره وتابعوه في نهيه و أمره، فإني لما صنفت كتاب المقتل الذي سميته مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان، و جمعت فيه من طرائف الاخبار، ولطائف الآثار ما يربي على الجوهر والنضار، سألني جماعة من الأصحاب أن أضيف إليه عمل الثأر، وأشرح قضية المختار، فتارة أقدم و أخرى أحجم، ومرة أجنح جنوح الشامس 2، وآونة أنفر نفور العذراء من يد اللامس، و أردهم عن عمله فرقا من التعرض لذكره وإظهار مخفي سره.
ثم كشفت قناع المراقبة في إجابة سؤالهم والانقياد لمرامهم، وأظهرت ما كان في ضميري، وجعلت نشر فضيلته أنيسي وسميري، لأنه به خبت نار وجد سيد المرسلين، وقرة عين زين العابدين، وما زال السلف يتباعدون عن زيارته ويتقاعدون عن إظهار فضيلته، تباعد الضب عن الماء، والفراقد من الحصباء، ونسبوه إلى القول بإمامة محمد بن الحنفية، ورفضوا قبره، وجعلوا قربهم إلى الله هجره مع قربه (من الجامع) وإن قبته لكل من خرج من باب مسلم بن عقيل كالنجم اللامع، وعدلوا من العلم إلى التقليد، ونسوا ما فعل بأعداء المقتول الشهيد، وإنه جاهد في الله حق الجهاد، وبلغ من رضا زين العابدين عليه السلام غاية المراد، ورفضوا منقبته التي رقت حواشيها 3 وتفجرت ينابيع السعادة فيها.
وكان محمد بن الحنفية أكبر من زين العابدين سنا ويرى تقديمه عليه فرضا و دينا ولا يتحرك حركة إلا بما يهواه، ولا ينطق إلا عن رضاه، ويتأمر له تأمر الرعية للوالي، ويفضله تفضيل السيد على الخادم والموالي، وتقلد محمد - رحمة الله عليه - أخذ الثأر إراحة لخاطره الشريف، من تحمل الأثقال، والشد والرحال 4 ويدل على ذلك ما رويته عن أبي بحير 5 عالم الأهواز، وكان يقول بإمامة ابن الحنفية، قال: