تسبون نساءه وتنهبون أمواله، فقلت له: يا راهب، نحن نفعل ذلك؟! قال: نعم، و إنكم إذا فعلتم ذلك عجت السماوات والأرضون والبحار والجبال والبراري والقفار والوحوش والأطيار باللعنة على قاتله، ثم لا يلبث 1 قاتله في الدنيا إلا قليلا، ثم يظهر رجل يطلب بثأره فلا يدع أحدا شرك في دمه إلا قتله وعجل الله بروحه إلى النار.
ثم قال الراهب: إني لأرى لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيب، والله إني لو أدركت أيامه لوقيته بنفسي من حر السيوف، فقلت: يا راهب إني أعيذ نفسي أن أكون ممن يقاتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: إن لم تكن أنت فرجل قريب منك، وإن قاتله عليه نصف عذاب أهل النار، وإن عذابه أشد من عذاب فرعون و هامان، ثم ردم الباب في وجهي ودخل يعبد الله تعالى وأبى أن يسقيني الماء.
قال كامل: فركبت فرسي ولحقت أصحابي، فقال لي أبوك سعد: ما أبطأك عنا يا كامل؟ فحدثته بما سمعته من الراهب، فقال لي: صدقت.
ثم إن سعدا أخبرني أنه نزل بدير هذا الراهب مرة من قبلي فأخبره أنه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول الله، فخاف أبوك سعد من ذلك وخشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه وأقصاك، فاحذر يا عمر أن تخرج عليه يكون عليك نصف عذاب أهل النار، قال: فبلغ الخبر ابن زياد - لعنه الله - فاستدعى بكامل وقطع لسانه فعاش بها يوم أو بعض يوم ومات رحمه الله.
قال: وحكي أن موسى بن عمران عليه السلام رآه إسرائيلي مستعجلا وقد كسته الصفرة واعترى بدنه الضعف وحكم بفرائصه الرجف وقد اقشعر جسمه وغارت عيناه و نحف، لأنه كان إذا دعاه ربه للمناجاة يصير عليه ذلك من خيفة الله تعالى فعرفه الإسرائيلي وهو ممن آمن به، فقال له: يا نبي الله، أذنبت ذنبا عظيما، فاسأل ربك أن يعفو عنى، فأنعم وسار.
فلما ناجى ربه قال له: يا رب العالمين أسألك وأنت العالم قبل نطقي [به]، فقال تعالى: يا موسى ما تسألني أعطيك، وما تريد أبلغك، قال: رب إن فلانا عبدك الإسرائيلي أذنب ذنبا ويسألك العفو، قال: يا موسى أعفو عمن استغفرني إلا قاتل الحسين عليه السلام.