سيد المرسلين، وإنه يقتل علانية مبارزة ظلما وعدوانا، ولا تحفظ فيه وصية جده رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مزاج مائه وبضعة من لحمه، يذبح بعرصة كربلا، فوالذي نفس كعب بيده لتبكينه زمرة من الملائكة في السماوات السبع، لا يقطعون بكاءهم عليه إلى آخر الدهر، وإن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع، وما من نبي إلا ويأتي إليها ويزورها ويبكي على مصابه، ولكربلا في كل يوم زيارة من الملائكة والجن والانس.
فإذا كانت ليلة الجمعة ينزل إليها تسعون ألف ملك يبكون على الحسين عليه السلام، ويذكرون فضله وإنه يسمى في السماء: حسينا المذبوح، وفي الأرض: أبا عبد الله المقتول، وفي البحار الفرخ الأزهر المظلوم، وإنه يوم قتله تنكسف الشمس بالنهار، ومن الليل ينخسف القمر، وتدوم الظلمة على الناس ثلاثة أيام وتمطر السماء دما (ورمادا) وتدكدك الجبال وتغطمط البحار 1، ولولا بقية من ذريته وطائفة من شيعته الذين يطلبون بدمه ويأخذون بثأره، لصب الله عليهم نارا من السماء أحرقت الأرض ومن عليها.
ثم قال كعب: يا قوم كأنكم تتعجبون بما أحدثكم فيه من أمر الحسين عليه السلام، وإن الله تعالى لم يترك شيئا كان أو يكون من أول الدهر إلى آخره إلا وقد فسره لموسى عليه السلام، وما من نسمة خلقت إلا وقد رفعت إلى آدم عليه السلام في عالم الذر، وعرضت عليه، ولقد عرضت عليه هذه الأمة ونظر إليها وإلى اختلافها وتكالبها على هذه الدنيا الدنية، فقال آدم: يا رب ما لهذه الأمة الزكية وبلاء الدنيا وهم أفضل الأمم؟ فقال له: يا آدم، إنهم اختلفوا فاختلفت قلوبهم، وسيظهرون الفساد في الأرض كفساد قابيل حين قتل هابيل عليه السلام، وإنهم يقتلون فرخ حبيبي محمد المصطفى.
ثم مثل لآدم عليه السلام مقتل الحسين صلوات الله عليه ومصرعه ووثوب أمة جده عليه، فنظر إليهم فرآهم مسودة وجوههم، فقال: يا رب ابسط عليهم الانتقام كما قتلوا