محزون، فبينما هي كذلك، إذ وقعت قطرة من الدم، فوقعت على عينها ففتحت، ثم قطرة أخرى على عينها الأخرى فبرءت، ثم قطرة على يديها فعوفيت، ثم على رجليها فبرءت، وعادت كلما قطرت قطرة من الدم تلطخ به جسدها، فعوفيت من جميع مرضها من بركات دم الحسين عليه السلام.
فلما أصبحت أقبل أبوها إلى البستان فرأى بنتا تدور ولم يعلم أنها ابنته فسألها أنه كان لي في البستان ابنة عليلة لم تقدر أن تتحرك، فقالت ابنته: والله أنا أبنتك، فلما سمع كلامها وقع مغشيا عليه، فلما أفاق قام على قدميه فأتت به إلى ذلك الطير، فرآه واكرا على الشجرة يئن من قلب حزين محترق مما رأى مما فعل بالحسين عليه السلام.
فقال له اليهودي: أقسمت عليك بالذي خلقك أيها الطير أن تكلمني بقدرة الله تعالى، فنطق الطير مستعبرا، ثم قال: إني كنت واكرا على بعض الأشجار مع جملة الطيور عند الظهيرة، وإذا بطير ساقط علينا، وهو يقول: أيتها الطيور تأكلون وتتنعمون، والحسين في أرض كربلاء في هذا الحر على الرمضاء طريحا ظامئا والنحر دام، ورأسه مقطوع، على الرمح مرفوع، ونساؤه سبايا، حفاة عرايا، فلما سمعن بذلك تطايرن إلى كربلاء، فرأيناه في ذلك الوادي طريحا، الغسل من دمه، والكفن الرمل السافي عليه، فوقعنا كلنا عليه ننوح ونتمرغ بدمه الشريف، وكان كل منا طار إلى ناحية فوقعت أنا في هذا المكان.
فلما سمع ذلك اليهودي تعجب، وقال: لو لم يكن الحسين عليه السلام ذا قدر رفيع عند الله ما كان دمه شفاء من كل داء، ثم أسلم اليهودي وأسلمت البنت وأسلم خمسمائة من قومه. 1 في بعض كتب المناقب المعتبرة: بالاسناد، عن أبي عبد الله الحافظ، عن الزبير بن عبد الله، عن أبي عبد الله بن وصيف، عن الشطاخ 2 الوراق قال: سمعت الفتح بن مثخرف 3 العابد يقول: أفت 4 الخبز للعصافير كل يوم فكانت تأكل، فلما كان