الرواسي؟ قال: نعم، فإن شئت أخبرتك، قلت: أخبرني، قال: اخرج بنا عن الحرم، فخرجنا منه.
فقال لي: أنا أحد من كان في العسكر الميشوم عسكر عمر بن سعد لعنه الله حين قتل الحسين عليه السلام، وكنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد من الكوفة، فلما حملناه على طريق الشام نزلنا على دير النصارى، وكان الرأس معنا مركوزا على رمح، ومعه الاحراس، فوضعنا الطعام وجلسنا لنأكل، فإذا بكف في حائط الدير تكتب:
أترجو أمة قتلت حسينا * شفاعة جده يوم الحساب قال: فجزعنا من ذلك جزعا شديدا، وأهوى بعضنا إلى الكف ليأخذها فغابت، ثم عاد أصحابي إلى الطعام، فإذا الكف قد عادت تكتب:
فلا والله ليس لهم شفيع * وهم يوم القيامة في العذاب فقام أصحابنا إليها فغابت ثم عادوا إلى الطعام، فعادت تكتب:
وقد قتلوا الحسين بحكم جور * وخالف حكمهم حكم الكتاب فامتنعت من 1 الطعام وما هنأني أكله، ثم أشرف علينا راهب من الدير فرأى نورا ساطعا من فوق الرأس، فأشرف فرأى عسكرا، فقال الراهب للحراس: من أين جئتم؟ قالوا: من العراق، حاربنا الحسين - عليه السلام -، فقال الراهب: ابن فاطمة بنت نبيكم وابن ابن عم نبيكم؟ قالوا: نعم، قال: تبا لكم، والله لو كان لعيسى بن مريم ابن لحملناه على أحداقنا، ولكن لي إليكم حاجة، قالوا: وما هي؟
قال: قولوا لرئيسكم: عندي عشرة آلاف دينار 2 ورثتها من آبائي [ل] - يأخذها مني ويعطيني الرأس يكون عندي إلى وقت الرحيل، فإذا رحل رددته إليه، فأخبروا عمر بن سعد بذلك، فقال: خذوا منه الدنانير وأعطوه إلى وقت الرحيل فجاءوا إلى الراهب، فقالوا:
هات المال حتى نعطيك الرأس، فأدلى إليهم جرابين، في كل جراب خمسة آلاف