وفيهم علي بن الحسين عليهما السلام وهو يومئذ فتى شاب، فأتاهم شيخ من أشياخ أهل الشام فقال لهم: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم، وقطع قرن الفتنة، فلم يأل عن شتمهم، فلما انقضى كلامه. قال له علي بن الحسين عليهما السلام: أما قرأت كتاب الله عز وجل؟
قال: نعم، قال (له): أما قرأت هذه الآية: " قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى 1 "؟ قال: بلى، قال: فنحن أولئك، ثم قال: أما قرأت " وآت ذا القربى حقه " 2؟ قال: بلى، قال: فنحن هم، (قال:) فهل قرأت هذه الآية " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " 3؟ قال: بلى، قال: فنحن هم، فرفع الشامي يده إلى السماء، ثم قال: اللهم إني أتوب إليك - ثلاث مرات - اللهم إني أبرأ إليك من عدو آل محمد صلى الله عليه وآله ومن قتلة أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله، لقد قرأت القرآن فما شعرت بهذا قبل اليوم.
ثم ادخل نساء الحسين عليه السلام على يزيد بن معاوية، فصحن نساء آل يزيد و بنات معاوية وأهله، وولولن وأقمن المآتم، ووضع رأس الحسين عليه السلام، بين يديه، فقالت سكينة: (والله) ما رأيت أقسى قلبا من يزيد، ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرا منه، ولا أجفى منه، وأقبل يقول وينظر إلى الرأس:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل ثم أمر برأس الحسين عليه السلام فنصب على باب مسجد دمشق، فروي عن فاطمة بنت علي عليهما السلام أنها قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا 4 أول شئ وألطفنا، ثم إن رجلا من أهل الشام أحمر قام إليه، فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية، يعنيني، 5 وكنت جارية وضيئة، فارعبت وفزعت 6، وظننت أنه يفعل ذلك، فأخذت بثياب أختي وهي أكبر مني وأعقل، فقالت: كذبت والله ولعنت، ما ذاك لك ولا له، فغضب يزيد وقال: بل كذبت والله لو شئت لفعلته، قالت: لا والله