حسن البيان، عارفا بتفاوت أخلاقهم، لينزل كلا منزلته، بصيرا بمكر النفس، و مكائد الشيطان، صابرا على ما يلحقه لا يكافيهم بها ولا يشكو منهم، ولا يستعمل الحمية ولا يغتاظ لنفسه، مجردا نيته لله مستعينا به ومبتغيا لوجهه، فان خالفوه وجفوه صبر، وإن وافقوه وقبلوا منه شكر، مفوضا أمره إلى الله ناظرا إلى عيبه (1).
53 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: أحسن المواعظ ما لا يجاوز القول حد الصدق، والفعل حد الاخلاص، فان مثل الواعظ والموعوظ كاليقظان والراقد فمن استيقظ عن رقدته وغفلته ومخالفته ومعاصيه، صلح أن يوقظ غيره من ذلك الرقاد، وأما السائر في مفاوز الاعتداء والخائض في مراتع الغي وترك الحياء باستحباب السمعة والرياء والشهرة والتصنع في الخلق المتزيي بزي الصالحين المظهر بكلامه عمارة باطنه، وهو في الحقيقة خال عنها، قد غمرتها وحشة حب المحمدة وغشيتها ظلمة الطمع، فما أفتنه بهواه وأضل الناس بمقاله قال الله عز وجل:
" لبئس المولى ولبئس العشير " وأما من عصمه الله بنور التأييد، وحسن التوفيق وطهر قلبه من الدنس، فلا يفارق المعرفة والتقى، فيستمع الكلام من الأصل ويترك قائله كيف ما كان، قالت الحكماء: خذ الحكمة ولو من أفواه المجانين قال عيسى عليه السلام: جالسوا من تذكر كم الله رؤيته ولقاؤه، فضلا عن الكلام، و لا تجالسوا من يوافقه ظاهركم، ويخالفه باطنكم، فان ذلك المدعي بما ليس له إن كنتم صادقين في استفادتكم، فإذا لقيت من فيه ثلاث خصال فاغتنم رؤيته ولقاءه ومجالسته ولو ساعة، فان ذلك يؤثر في دينك وقلبك وعبادتك بركاته، قوله لا يجاوز فعله، وفعله لا يجاوز صدقه، وصدقه لا ينازع ربه، فجالسه بالحرمة، وانتظر الرحمة والبركة، واحذر لزوم الحجة عليك، وراع وقته كيلا تلومه فتخسر، وانظر إليه بعين فضل الله عليه، وتخصيصه له، وكرامته إياه (2).
54 - تفسير العياشي: عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت " أتأمرون