وهذا القول مجاز والمراد أن الله تعالى جعل للفعل المعروف علامات وعلى الفعل المنكر أمارات، ووعد على فعل المعروف حلول دار النعيم وأوعد على فغل المنكر خلود دار الجحيم، فكان بين الامرين الحجاز البين والفرقان النير فكان المعروف يدعو إلى فعله لما وعد عليه من الثواب، وكذلك المنكر ينهى عن فعله لما وعد عليه من العقاب، فلذلك قال عليه السلام: فيقول المنكر لأهله إليكم إليكم، على طريق الاتساع والمجاز، وقوله عليه السلام من بعد: وما يستطيعون له إلا لزوما.
المراد به أنهم مع قوارع النذر وصوادع الغير وزواجر التحذير، وبوالغ الوعيد ليتنازعون إلى فعله ويتسارعون إلى ورده، وليس المراد أنهم لا يستطيعون له إلا لزوما على الحقيقة، وإنما قيل ذلك على طريق المبالغة في صفتهم بالنزوع إليه والاصرار عليه، كما يقول القائل: ما أستطيع النظر إلى فلان أولا أستطيع الاجتماع مع فلان إذا أراد المبالغة في نفسه لشدة الابغاض لذلك الانسان والاستثقال لرؤيته والنفور من مقاعدته، وإن كان على الحقيقة مستطيعا لذلك بصحة أدواته والتمكن من تصرف إراداته، ولو لم يكن هؤلاء المذكورون في الخبر قادرين على الانفصال من فعل المنكر لما كانوا على مواقعته مذمومين وبجريرته مطالبين، وذلك أوضح من أن نستقصي الكلام فيه ونستكثر من الحجاج عليه (!).
2 - الهداية: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضتان واجبتان من الله عز وجل على الامكان، على العبد أن يغير المنكر بقلبه ولسانه ويده، فإن لم يقدر عليه فبقلبه ولسانه، فإن لم يقدر فبقلبه.
3 وقال الصادق عليه السلام: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم، فأما صاحب سيف وسوط فلا (2).
4 المجازات النبوية: قال عليه السلام لأصحابه: لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليلحينكم الله كما لحيت عصاي هذه لعود في يده وفي هذا الكلام موضع استعارة وهو قوله عليه السلام: " أو ليلحينكم الله " والمراد ليتنقصنكم الله في النفوس والأموال وليصيبنكم بالمصائب العظام فتكونون كالأغصان التي جردت من أوراقها