نعوذ بالله من قبح المدلة وتيه الغفلة.
ثم قال - ره - بعد ما بين حقيقة الاجماعات المنقولة، وضعف الاحتجاج بها لا سيما المنقول منها بخبر الواحد: والله تعالى شهيد وكفى بالله شهيدا أن الغرض من كشف هذا كله ليس إلا تبيان الحق الواجب المتوقف عليه لقوة عسر الفطام عن المذهب الذي يألفه الأنام، ولو لاه لكان عنه أعظم صارف، والله تعالى يتولى أسرار عباده، ويعلم حقايق أحكامه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ثم قال: حتم ونصيحة: أما إذا اعتبرت ما ذكرناه من الأدلة على هذه الفريضة المعظمة، وما ورد من الحث عليها في غير ما ذكرناه مضافا إليه، وما أعده الله من الثواب الجزيل عليها، وعلى ما يتبعها ويتعلق بها يوم الجمعة من الوظائف و الطاعات وهي نحو مائة وظيفة، وقد أقررنا عيونها في رسالة مفردة ذكرنا فيها خصوصيات يوم الجمعة، ونظرت إلى شرف هذا اليوم المذخور لهذه الأمة، كما جعل لكل أمة يوما يفرغون إليه، وفيه يجتمعون على طاعته، واعتبرت الحكم الإلهية الباعثة على الامر بهذا الاجتماع، وإيجاب الخطبة المشتملة على الموعظة، وتذكير الخلق بالله تعالى، وأمرهم بطاعته، وزجرهم عن معصيته، وتزهيدهم في هذه الدار الفانية، وترغيبهم في الدار الآخرة الباقية، المشتملة على ما لا عين رأت ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وحثهم على التخلق بالأخلاق الحميدة، واجتناب الصفات الرذيلة، وغير ذلك من المقاصد الجميلة، كما يطلع عليها من طالع الخطب المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وغيرهما من الأئمة الراشدين والعلماء الصالحين.
علمت أن هذا المقصد العظيم الجليل لا يليق من الحكيم إبطاله، ولا يحسن من العاقل إهماله، بل ينبغي بذل الهمة فيه، وصرف الحيلة إلى فعله، وبذل الجهد في تحصيل شرائطه ورفع موانعه، ليفوز بهذه الفضيلة الكاملة، ويحوز هذه المثوبة الفاضلة.
ثم أورد - ره - أخبارا كثيرة دالة على فضل يوم الجمعة وعباداتها وصلاة الجمعة