إنشاء الله تعالى.
ثم اعلم أنه ورد في كثير من الروايات مسيرة يوم، واعتبره المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى وغيرهما، وقيدوه بسير الإبل السير العام فيجوز التعويل على كل منهما في القصر، ولو اعتبرت المسافة بهما واختلفا، فمنهم من اكتفى ببلوغ أحدهما واحتمل الشهيد الثاني ره تقديم السير، وربما لاح من الذكرى تقديم التقدير ولعله أقوى لأنه تحقيق والاخر تقريب، وإن كان الأول لا يخلو من قوة، و الأحوط حينئذ فيما به الاختلاف الجمع.
ثم إنه نقل جماعة من الأصحاب اتفاق العلماء على أن الفرسخ ثلاثة أميال وهو مروي في الاخبار، وأما الميل فقد روى الصدوق (1) مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه ألف وخمس مائة ذراع، وهو متروك، والظاهر أنه سقط من النساخ شئ، ويرشد إليه أن في الكافي (2) روى أنه ثلاثة آلاف وخمس مائة، فالظاهر سقوط الثلاثة من الفقيه، ويؤيده أيضا أنه قال في المعتبر: وفي بعض أخبار أهل البيت ثلاثة آلاف وخمس مائة ذراع، وقد قطع الأصحاب بأن قدره أربعة آلاف ذراع.
وفي الشرايع الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة وعشرون أصبعا، تعويلا على المشهور بين الناس، أو مد البصر من الأرض، [وفيه إشعار بنوع تردد في التفسير المشهور، وفي السرائر أسند ذلك إلى المسعودي في مروج الذهب] (3) و في القاموس الميل قدر مد البصر، ومنار يبنى للمسافر، أو مسافة من الأرض متراخية بلا حد أو مائة ألف أصبع إلا أربعة آلاف أصبع، أو ثلاثة أو أربعة آلاف ذراع، بحسب اختلافهم في الفرسخ، هل هو تسعة آلاف بذراع القدماء أو أثنى عشر ألف ذراع بذراع المحدثين انتهى، ومنه يظهر وجه جمع بين المشهور وبين ما وقع في رواية الكليني بأن يكون