لافساد في ذلك، إذ لا يلزم أن تكون القاعدة المنقولة عنهم عليهم السلام في تلك الأمور عامة شاملة لجميع البلاد والعروض والآفاق، بل يمكن أن يكون الغرض بيان حكم بلد الخطاب، أو بلد المخاطب أو غيرهما، مما كان معهودا بين الإمام عليه السلام وبين راويه، من البلاد التي كان عرضها أكثر من الميل الكلي، إذ ما كان عرضه متساويا للميل ينعدم فيه الظل يوما واحدا حقيقة، وبحسب الحس أياما، وما كان عرضه أقل ينعدم فيه الظل يومين حقيقة وأياما حسا.
وأما ما يرد عليه بعد التأمل وإمعان النظر فأمور:
الأول: أن انقسام السنة الشمسية عند الروم إلى هذه الشهور الاثني عشر التي بعضها كشباط ثمانية وعشرون يوما في غير الكبيسة، وفيها تسعة وعشرون يوما وبعضها كحزيران وأيلول وتشرين الآخر ونيسان ثلاثون يوما وبعضها كباقي الشهور أحد وثلاثون يوما إنما هو محض اصطلاح منهم لم يذكر أحد من المحصلين وجها أو نكتة لهذا الاختلاف، وما توهم بعضهم من أنه مبني على اختلاف مدة قطع الشمس كلا من البروج الاثني عشر ظاهر البطلان، وغير خفي على من تذكر مدة مكث الشمس في تلك البروج أن الامر فيه ليس على طبقه، كيف وكانون الأول الذي اعتبروه أحدا وثلاثين هو بين القوس والجدي، وكل منهما تسعة وعشرون.
إذا عرفت هذا فقد ظهر لك أن انتقاص الظل أو ازدياده المبنيين على ارتفاع الشمس وانخفاضها في البروج وأجزاؤها، لا يطابق الشهور الرومية تحقيقا ألا ترى أن انتقال الشمس من أول الحمل إلى أول الميزان الذي يعود فيه الظل إلى مثل ما كان في أول الحمل إنما يكون في قريب من مائة وسبعة وثمانين يوما ومن نصف آذار إلى نصف أيلول الذي جعل في الرواية موافقا للوقتين، إنما يكون في أقل من مائة وأربعة وثمانين يوما وعلى هذا القياس.
الثاني: أن ظل الزوال يزداد من أول السرطان إلى أول الجدي ثم ينتقص إلى أول السرطان يوما فيوما وشهرا فشهرا على سبيل التزايد والتناقص والمعنى أن ازدياده وانتقاصه في اليوم الثاني والشهر الثاني أزيد من ازدياده وانتقاصه في اليوم الأول