سماء سماء بوابون، وموكلون على الرد والقبول، وهم كثيرون لا يحصيهم كثرة إلا الله سبحانه، كما في التنزيل الكريم " وما يعلم جنود ربك إلا هو " وعن النبي صلى الله عليه وآله أطت السماء وحق لها أن تئط فما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد، فالتعبير عن ملائكة كل سماء وهم أبواب نقد الصلاة الصاعدة إليهم، والتفتيش عنها روم لبيان التكثير، لا تعيين للمرتبة العددية بخصوصها.
ومنها أن الصلاة يصعد بها إلى سماء سماء إلى السماء السابعة التي هي أقصى أفلاك الكواكب السبعة السيارة، ثم منها إلى الكرسي، وهو فلك الثوابت، ثم مستودعها العرش وهو الفلك الأقصى، فالأفلاك الثمانية بملائكتها من العقول والنفوس السمائية أبواب رفع الصلاة، وطرق الصعود بها، وحدود نقدها و ردها وقبولها، على ما تكرر ذكره في الأحاديث عنهم صلوات الله عليهم، ولا لا يحيط بطبقات الخلق والامر علما وخبرا، ولا يحصيها عددا وقدرا، إلا بارئها القيوم القيام، العليم العلام. تعالى شأنه، وتعاظم سلطانه. وغاية ما يسر للبشر من عباده سبيلا إلى معرفته، إثبات الملائكة القاهرة والمدبرة هنالك، بعدد الكرات السماوية، وبعدد الدرجات الفلكية، ومحيط كل فلك ثلاثمائة وستون درجة، وإنما المرصود من الكواكب سبعة سيارة، وألف وتسعة وعشرون من الثوابت، والأفلاك الكلية لها بحسب حركاتها المرصودة بادئ النظر السماوات السبع والفلك الثامن الذي هو الكرسي وتنحل عند تفصيل الحركات وحل ما أعضل من الاشكالات إلى ثمانين كرة تقريبا، فاذن يستتم نصاب أربعة آلاف من العدد في إزاء عدد الدرجات، وعدد الكرات والكواكب، كما يستبين بالحساب، فهي بأسرها أبواب الصلاة وحدودها، وذلك أقل ما ليس عن إثباته بد على ما هو المنصرح لدى البصيرة النافذة، وأما في جانب الكثرة فلا سبيل لنا إلى العلم والمعرفة، فهذه سبعة من وجوه التفسير لهذين الحديثين الشريفين فلنقتصر الآن عليها، والله سبحانه أعلم، وهو ولي العلم والحكمة، وبه الاعتصام ومنه العصمة انتهى.
أقول: وإن كان قدس سره بلغ الدرجة القصوى في التدقيق عند إبداء