إلا زوجها أو ذو رحم لها، وهو وفاق العلماء، ثم قال: الرجال أولى بدفن الرجال بلا خلاف بين العلماء في ذلك، والرجال أولى بدفن النساء أيضا.
ثم قال في كراهة إهالة الأب على ولده وبالعكس، وكذا ذو الرحم لرحمه معللا بأنه يورث القساوة: يكره لمن ذكرنا أن ينزل إلى القبر أيضا للعلة وقد روي جواز نزول الولد إلى قبر والده انتهى وكذا فعل في التذكرة.
أقول: التنافي بين الكلامين ظاهر. فان قيل أراد بالأولوية التي أثبتها أولا أن له ولاية ذلك، أعم من أن يتولاه بنفسه أو يأمر غيره بذلك، فلا ينافي كراهة أن يتولاه بنفسه، قلت: ما أورده من الدلائل يدل على استحباب أن يتولاه بنفسه فلا يجديه هذا التوجيه، والتعليل بالقساوة ضعيف معارض بأنه أرفق للميت وأشفق عليه، وكراهة الإهالة إنما هي لعدم ضرورة داعية إليها بخلاف ارتكاب الدفن، وإدخال القبر، فان فيه مصلحة للميت، وإرفاقا له، بل قلما يرضى غير ذي الرحم بذلك، فقياسه عليها مع بطلانه رأسا قياس مع الفارق، فالأظهر عدم كراهة إنزال غير الولد من الأقارب القبر والله يعلم.
وأما الثاني وهو عدم كراهة جلوس المشيع قبل الدفن، فذهب إليه الشيخ في الخلاف وابن الجنيد، وذهب المحقق والعلامة وابن أبي عقيل وابن حمزة إلى كراهته، قال في الذكرى: اختلف الأصحاب في كراهة جلوس المشيع قبل الوضع في اللحد، فجوزه في الخلاف، ونفى عن البأس ابن الجنيد للأصل، ولرواية عبادة بن الصامت (1) أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان في جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد، فقال يهودي: إنا لنفعل ذلك، فجلس وقال: خالفوهم!