إن أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله إنما صلاها في السماء بين يدي الله تبارك وتعالى قدام عرشه جل جلاله، وذلك أنه لما أسري به وصار عند عرشه تبارك وتعالى قال: يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك وطهرها، وصل لربك فدنا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حيث أمر الله تعالى فتوضأ فأسبغ وضوءه ثم استقبل الجبار تبارك وتعالى قائما فأمره بافتتاح الصلاة ففعل.
فقال: يا محمد اقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين " إلى آخرها ففعل ذلك، ثم أمره أن يقرأ نسبة ربه تبارك وتعالى " بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد " ثم أمسك عنه القول فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" قل هو الله أحد الله الصمد " فقال: قل " لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " فأمسك عنه القول، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كذلك الله ربي كذلك الله ربي كذلك الله ربي.
فلما قال ذلك قال: اركع يا محمد لربك فركع رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له وهو راكع: قل " سبحان ربي العظيم وبحمده " ففعل ذلك ثلاثا، ثم قال:
ارفع رأسك يا محمد ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، فقام منتصبا بين يدي الله فقال: اسجد يا محمد لربك، فخر رسول الله صلى الله عليه وآله ساجدا فقال: " قل سبحان ربي الأعلى و بحمده " ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا فقال له: استو جالسا يا محمد، ففعل فلما استوى جالسا ذكر جلال ربه جل جلاله، فخر رسول الله صلى الله عليه وآله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز وجل فسبح أيضا ثلاثا فقال: انتصب قائما، ففعل فلم ير ما كان رأى من عظمة ربه جل جلاله.
فقال له اقرأ يا محمد، وافعل كما فعلت في الركعة الأولى، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سجد سجدة واحدة، فلما رفع رأسه ذكر جلالة ربه تبارك وتعالى الثانية فخر رسول الله صلى الله عليه وآله ساجدا من تلقاء نفسه لا لأمر أمره ربه عز وجل فسبح أيضا، ثم قال له: ارفع رأسك ثبتك الله واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.