بعضها ركعتين؟ ولم يزد على بعضها شئ؟ قيل: لان أصل الصلاة إنما هي ركعة واحدة، لان أصل العدد واحد، فإذا نقصت من واحد فليست هي صلاة، فعلم الله عز وجل أن العباد لا يؤدون تلك الركعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها بكمالها وتمامها والاقبال عليها، فقرن إليها ركعة، ليتم بالثانية ما نقص من الأولى، ففرض الله عز وجل أصل الصلاة ركعتين.
ثم علم رسول الله صلى الله عليه وآله أن العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما أمروا به وكماله، فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتين ركعتين، ليكون فيهما تمام الركعتين الأوليين ثم علم أن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الأوطان، والاكل والوضوء والتهيئة للمبيت، فزاد فيها ركعة واحدة، ليكون أخف عليهم، ولان تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فردا.
ثم ترك الغداة على حالها، لان الاشتغال في وقتها أكثر، والمبادرة إلى الحوائج فيها أعم، ولان القلوب فيها أخلى من الفكر، لقلة معاملات الناس بالليل، ولقلة الاخذ والاعطاء، فالانسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها من الصلوات، لان الفكر قد تقدم العمل من الليل.
فان قال: فلم جعل ركعة وسجدتين؟ قيل لان الركوع من فعل القيام، والسجود من فعل القعود، وصلاة القاعد على النصف من صلاة القيام فضوعف السجود ليستوي بالركوع، فلا يكون بينهما تفاوت، لان الصلاة إنما هي ركوع وسجود (1).
بيان: الاقرار بالربوبية لان الصلاة مشتملة على الاقرار بما ذكر، أو لان أصل عبادته تعالى دون غيره خلع للأنداد، وإقرار بالربوبية كما مر، و كذا الطلب في الإقالة والطلب للدين والدنيا، قوله: " وهو صلاح " الضمير راجع إلى الاقرار، والقيام عطف على الاقرار، والبطر الطغيان بالنعمة وكراهة الشئ من غير أن يستحق الكراهة.