لكانوا مستخفين بها، حتى كاد يفوتهم الوقت، فلما كان شيئا غير الفريضة أسرعوا إلى ذلك لكثرته، وكذلك التي من قبل العصر ليسرعوا إلى ذلك لكثرته، و ذلك لأنهم يقولون إن سوفنا ونريد أن نصلي الزوال يفوتنا الوقت وكذلك الوضوء في المغرب يقولون حتى نتوضأ يفوتنا الوقت فيسرعوا إلى القيام وكذلك الأربعة ركعات التي من بعد المغرب وكذلك صلاة الليل في آخر الليل ليسرعوا إلى القيام إلى صلاة الفجر، فلتلك العلة وجب هذه هكذا (1).
بيان: حمل الوجوب على الاستحباب المؤكد وهو شائع في الاخبار، فان مراتب الطاعات مختلفة، فأولها الفرائض وهي التي ثبت وجوبها بالقرآن، ثم الواجبات التي ثبت وجوبها بالسنة ثم السنن التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يواظب عليها في أواخر عمره، وهي تالية للواجبات وقد يعبر عنها بالواجب، ثم التطوعات وهي المستحبات التي لم يكن النبي صلى الله عليه وآله يواظب عليها في آخره عمره للتوسعة على الأمة وكذا النواهي أولها الكبائر، ثم الصغائر، ثم المكروهات الشديدة التي قد يعبر عنها بالحرمة ثم المكروهات الخفيفة.
وحاصل هذا التعليل أن الانسان بسبب كثرة أشغاله وكسله يؤخر الامر الذي يلزم عليه إلى آخر أوقات إمكان الفعل، وقد يخطأ في تقدير الوقت فيقع بعضها خارجا عن الوقت، فضمت النوافل إلى الفرائض لتكون وقاية لها فإذا قدر وقت اثنتي عشرة ركعة للظهر مثلا وأخطأ يقع النقص في النافلة، وتقع الفريضة في وقتها، بخلاف ما إذا قدر وقت الأربع الركعات وأخطأ يقع بعض الفريضة خارج الوقت، فظهر أن النوافل كما أنها مكملة كذلك هي وقاية لها.
14 - العلل: عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن فضالة، عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله قال: لما هبط آدم من الجنة، ظهرت فيه شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه فطال حزنه وبكاؤه على ما ظهر به، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: