الله، قال الرماني: وفيه بعد، لكثرة الحذف، وقيل الذين يظنون انقضاء آجالهم وسرعة موتهم، فهم أبدا على حذر ووجل، ولا يركنون إلى الدنيا كما يقال لمن مات لقي الله (1).
" وإنهم إليه راجعون " قال الامام أي إلى كراماته ونعيم جناته، قال: وإنما قال: يظتون لأنهم لا يدرون بماذا يختم لهم، لان العاقبة مستورة عنهم، لا يعلمون ذلك يقينا، لأنهم لا يأمنون أن يغيروا ويبدلوا انتهى (2) ويسأل ويقال: ما معنى الرجوع هنا، وهم ما كانوا قط في الآخرة فيعودوا إليها؟ ويجاب بوجوه أحدها أنهم راجعون بالإعادة في الآخرة. وثانيها أنهم كانوا أمواتا فاحيوا ثم يموتون فيرجعون أمواتا كما كانوا، وثالثها أنهم راجعون بالموت إلى موضع لا يملك أحدهم ضرا ولا نفعا غيره تعالى، كما كانوا في بدئ الخلق، فإنهم في أيام حياتهم قد يملك غيره الحكم عليهم، والتدبير لنفعهم وضرهم.
والحق أنه لما دلت الاخبار على أن الأرواح خلقت قبل الأجساد، فهي قبل تعلقها بالأجساد كانت في حالة تعود بعد قطع التعلق إليها.
" والذين يمسكون بالكتاب " (3) أي يتمسكون به، وقرء أبو بكر يمسكون بتسكين الميم وتخفيف السين، والباقون بالتشديد على بناء التفعيل، يقال أمسك ومسك وتمسك واستمسك بالشئ بمعنى واحد، أي استعصم به، والكتاب التوراة أو القرآن " وأقاموا الصلاة " في تخصيص الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات دلالة على جلالة موقعها، وشدة تأكدها.
وكذا قوله سبحانه: " فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا