فالبحث الأول فيه مسألتان: (الأولى) في المأخوذ من الزكاة. (والثانية) في المأخوذ من غيرها.
أما الأولى: فيدل على تحريم أخذها وأن المأخوذ ظلم وعدوان عموم قوله تعالى " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " (1) الآية، حصرها فيمن ذكره، فأخذ غيرهم إلا من الوالي عليها للقسمة بينهم وتصرفه بجميع الأنواع غير مشروع وظلم لأهل الحق، وغيرها من الآيات وعموم قوله عليه السلام " خذ الصدقة من أغنيائهم واجعلها في فقرائهم " (2) فأخذها على غير الوجه ظلم محرم وعدوان، ولأنها شرعت لسد فاقة الفقراء ومواساتهم، فأخذها لا لصرفها في الوجه مناف للحكمة، فيجب أن يكون محرما ولأنها حق في العين، فيتوقف تمييزه على القسمة الشرعية أجاز الشارع للمالك الدفع منها أو من غيرها عينا أو قيمة إلى الوالي والمستحق تحقيقا، فإذا لم يدفع لم تبرأ الذمة ولم يخرج الاستحقاق عن العين عملا باستصحاب بقاء الحق إلى أن يتحقق ما يخرج عنه، وليس أخذ الجائر مخرجا لأنه ليس واليا ولا مستحقا، ويؤيد ما ذكرناه ما رواه الشيخ في التهذيب عن محمد ابن علي بن محبوب عن إبراهيم بن عثمان عن حماد عن حريز عن أبي أسامة قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إن هؤلاء المتصدقين يأتوننا فيأخذون منا الصدقة فنعطيهم إياها، أيجزي عنا؟ فقال: لا، إنما هؤلاء قوم غصبوكم أو قال ظلموكم أموالكم وإنما الصدقة لأهلها. (3) إن قلت: أورد الشيخ في التهذيب ثلاث روايات تدل على عدم وجوب الزكاة ثانيا، (4) قلنا: مع عدم التعرض لدلالتها لا إيراد علينا بها لأن مطلوبنا