حكموا بجواز ابتياع ما يأخذه باسم الزكاة مع حكمهم إلا من شذ بعدم براءة الدافع منها بل أوجبوا الزكاة عليه فيما بقي عنده ثانيا، وزكاة الجميع مع سبق تفريطه، وحرموا الدفع إليه مع المكنة، فيمكن أن يقال في الخراج ذلك للاشتراك في العلة، ومما يؤيد هذا ويؤيده بيانا أن مصرف الزكاة الثمانية المذكورين في الآية الكريمة (1) وجواز الابتياع لما يأخذه الظالم لا يختص بهم بل هو جائز على الإطلاق فلا يكون لعلة الاستحقاق.
نعم قد وردت رخصة بكفاية ما يأخذه الظالم عن الزكاة دلت عليه روايات من طرقنا لكني لم أقف على مفت بها بل أكثر من تعرض لها قرب الإخراج ثانيا أو لم يعتمد شيئا إلا الشيخ في التهذيب فإنه قال فيه لما ذكر حديث أبي بكر وفيه:
وليس على أهل الأرض اليوم زكاة فإنه قد رخص اليوم لمن وجبت عليه وأخذت منه ذلك السلطان الجائر أن يحتسب من الزكاة وإن كان الأفضل إخراجه ثانيا لأن ذلك ظلم ظلم به. (2) ثم أورد الروايات الدالة على الإسقاط.
أقول: وحكمه بأنه ظلم ظلم به يقتضي الجزم بالإعادة لا أفضلية الإعادة إذا عرفت هذا فلا يخفى أن الجمع بين تحريم مال المسلم إلا بوجه شرعي وتجويز ابتياع ما يؤخذ منه ظلما أمر مشكل، فلا بد من تحقيق هذه المسألة لأنها من المهمات في الشريعة، وسأفصل ما يتضح به في مباحث.
الأول: في ما يدل على أن ذلك حرام وظلم في الزكاة صريحا وفي غيره بالإطلاق وما يتبعه من الضمان.
الثاني: في الجمع بين ذلك وبين جواز الابتياع من الظالم.
الثالث: في رد اللازم من هذه المسألة وتوابعها.