السراج الوهاج - الفاضل القطيفي - الصفحة ٢٥
السمعة وبالغيبة، لأن الأولى علامة المرائي، والرياء يصير الطاعات معاصي، والثانية تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وقد ورد فيها ما لا يحصى. ومنه عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام الغيبة أدام كلاب النار (1). وعنه أيضا:
كذب من زعم أنه ولد من الحلال ويأكل لحوم الناس (2). وزين أيضا لهم ما وجب عليه التنزه عنه من أعمال الحيل والشبه في الدين ليسقط أمانتهم عند الله ومحلهم عند قلوب الأتقياء، فإن تميز المقتدي أنما يكون بما ينفرد به عن أبناء النوع، فكيف إذا فعل ما يتعفف عنه أكثر أفرادهم؟ لا جرم يسقط محله فلا يركن إليه في الدين لأنه ظالم لنفسه فيدخل تحت عموم قوله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالك من دون الله من أولياء ثم لا ينصرون " (3).
الخامسة الحيل الشرعية على أقسام: منها ما لا ينافي الأمانة، ومنها ما ينافيها ولهما ضابط هو أن ما أخل بالمطلوب الشرعي الناشئ عن حكمة ربانية بها يتم صلاح النوع وأحوال معاشهم فلا شك في كونه منافيا للأمانة، وما ليس كذلك لا ينافيها لكن منه ما يكون التنزه عنه أولى، ومنه ما لا يوصف بذلك، ولنفرض صورا يتضح للناظر بها جلية الحال.
الأولى: إذا باع الإنسان موزونا أو مكيلا بمثله جنسا متفاضلا فهو ربا، فجاز أن يتحيل بما يخرجه عن الربا إما بضم غير الجنس إليه أو غير ذلك من الصور المذكورة شرعا، وهذا غير مناف للحكمة بل موافق لها وليس تركه أولى، وذلك لأن تحريم الربا أمر تعبدي لا يتعلق بمصلحة المتعاوضين أصلا بل مصلحتهما نظرا إلى عمل المعاش في جعل التعاوض تابعا لتراضيهما، ومن ثم أجاب تعالى

(١) وسائل الشيعة - ج ٥ كتاب الحج ص ٦٠٠ حديث ١٦ من باب ١٥٢ في تحريم اغتياب المؤمن ولو كان صدقا من أبواب أحكام العشرة.
(٢) وسائل الشيعة - ج ٥ كتاب الحج ص ٦٠٠ حديث ١٦ من باب ١٥٢ في تحريم اغتياب المؤمن ولو كان صدقا من أبواب أحكام العشرة.
(٣) هود: ١١٣.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 نبذة من حياة الفاضل القطيفي (ره) 3
2 فائدة في حرمة كتمان الفقه والعلم 21
3 ذكر الاخبار المتضمنة لفضل الفقهاء 22
4 ذكر الحيل الشرعية وبيان الضابطة فيها 25
5 الرد على قول المحقق الثاني بأن الأئمة (ع) قد أذنوا في تناول ذلك من سلاطين الجور حال الغيبة 30
6 الاستشكال على المحقق الثاني في تقسيمه للأراضي 33
7 نقل عبارة المحقق الكركي في الأنفال والاستشكال عليها 36
8 الرد على استدلال المحقق الثاني برواية أبي بردة 46
9 بيان حكم الأرض المفتوحة عنوة وذكر نكت عليها 57
10 نقل أقوال الأصحاب في ما إذا غزا قوم أهل الحرب من دون إذن الامام فغنموا كانت غنيمتهم للامام والتعليق عليها 69
11 بيان أقسام الأرض المعدودة من الأنفال 72
12 دلالة الاخبار على الأرض الموت 74
13 في تعيين ما فتح عنوة من الأرضين 77
14 المناقشة في أن أرض العراق هل هي مفتوحة عنوة أو من الأنفال؟ نهاية تحقيق المصنف في أن أرض العراق من الأنفال 78
15 تحقيق الكلام في أرض الشام 93
16 في بيان معنى الخراج 101
17 الاستدلال على حل الخراج بالاخبار 104
18 مناقشة المصنف برواية قبول الحسنين جوائز معاوية 109
19 الكلام في جوائز الظالم 112
20 مسألة في الرخصة بكفاية ما يأخذه الظالم عن زكاة 118
21 فيما يدل على أن ذلك حرام وظلم في الزكاة 119
22 في الجمع بين كون الاخذ غير مستحق وجواز الابتياع من الظالم 124