السمعة وبالغيبة، لأن الأولى علامة المرائي، والرياء يصير الطاعات معاصي، والثانية تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وقد ورد فيها ما لا يحصى. ومنه عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام الغيبة أدام كلاب النار (1). وعنه أيضا:
كذب من زعم أنه ولد من الحلال ويأكل لحوم الناس (2). وزين أيضا لهم ما وجب عليه التنزه عنه من أعمال الحيل والشبه في الدين ليسقط أمانتهم عند الله ومحلهم عند قلوب الأتقياء، فإن تميز المقتدي أنما يكون بما ينفرد به عن أبناء النوع، فكيف إذا فعل ما يتعفف عنه أكثر أفرادهم؟ لا جرم يسقط محله فلا يركن إليه في الدين لأنه ظالم لنفسه فيدخل تحت عموم قوله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالك من دون الله من أولياء ثم لا ينصرون " (3).
الخامسة الحيل الشرعية على أقسام: منها ما لا ينافي الأمانة، ومنها ما ينافيها ولهما ضابط هو أن ما أخل بالمطلوب الشرعي الناشئ عن حكمة ربانية بها يتم صلاح النوع وأحوال معاشهم فلا شك في كونه منافيا للأمانة، وما ليس كذلك لا ينافيها لكن منه ما يكون التنزه عنه أولى، ومنه ما لا يوصف بذلك، ولنفرض صورا يتضح للناظر بها جلية الحال.
الأولى: إذا باع الإنسان موزونا أو مكيلا بمثله جنسا متفاضلا فهو ربا، فجاز أن يتحيل بما يخرجه عن الربا إما بضم غير الجنس إليه أو غير ذلك من الصور المذكورة شرعا، وهذا غير مناف للحكمة بل موافق لها وليس تركه أولى، وذلك لأن تحريم الربا أمر تعبدي لا يتعلق بمصلحة المتعاوضين أصلا بل مصلحتهما نظرا إلى عمل المعاش في جعل التعاوض تابعا لتراضيهما، ومن ثم أجاب تعالى