أخذ الظالم له، وهو قد سلم فيما مضى أن أخذه محرم عليه؟ وإذا كان محرما عليه كيف لا يجوز كتمانه عليه مع المكنة ولا سرقته ولا جحوده؟ وهل هذا إلا عدول عن قول معصوم وفتوى قام الدليل عقلا ونقلا عليها الاستشهاد بقول فقيه جائز الخطأ أن يثبت صحة النقل عنه.
ولو شئت أن أقول أن اختيار الدفع إلى الظالم مع التمكن من الكتمان والسرقة والجحود مما علم عدم جوازه من الدين بالضرورة لقلت، لأن ذلك حق للمسلمين يجب إيصاله إلى واليهم، فإذا كان غائبا وجب أن يوصل إلى نائبه وهو حاكم الشرع، فإن لم يكن فإلى مستحقه حسبه كالمال الذي في يده لغيره فإنه يدفعه إلى من يستحق قبضه شرعا.
ومما يؤيد بطلان ما ذكره ونقله في غالب ظنه ما رواه الشيخ عن أحمد بن زكريا الصيدلاني عن رجل من بني حنيفة من أهل بست (1) وسجستان (2) قال:
رافقت أبا جعفر عليه السلام في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم فقلت له وأنا معه على المائدة وهناك جماعة من أولياء السلطان: إن والينا جعلت فداك رجل يتولاكم أهل البيت ويحبكم وعلي في ديوانه خراج، فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إلي، فقال: لا أعرفه، فقلت: جعلت فداك إنه على ما قلت من محبيكم أهل البيت فكتابك ينفعني عنده، فأخذ القرطاس وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإن موصل كتابي ذكر عنك مذهبا جميلا وإن ما لك من أعمالك ما أحسنت فيه، فأحسن إلى إخوانك، واعلم أن الله عز وجل لسائلك مثاقيل الذر والخردل. فلما وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبد الله النيشابوري وهو الوالي فاستقبلني من المدينة على