إخوان كثيرة وكرهت الشهرة فتخوفت أن أشتهر بديني فأمرت غلامي كلما جاءني رجل منهم يطلبني قال: ليس هو ههنا، قال: فحججت تلك السنة، فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فرأيت منه ثقلا وتغيرا فيما بيني وبينه، قال: قلت: جعلت فداك ما الذي غيرني عندك؟ قال: الذي غيرك للمؤمنين، قلت: جعلت فداك إنما تخوفت الشهرة، وقد علم الله شدة حبي لهم، فقال: يا إسحاق لا تمل زيارة إخوانك، فان المؤمن إذا لقي أخاه المؤمن فقال له: مرحبا، كتب له مرحبا إلى يوم القيامة، فإذا صافحه أنزل الله فيما بين إبهامهما مائة رحمة: تسعة وتسعين لأشدهم لصاحبه حبا.
ثم أقبل الله عليهما بوجهه، فكان على أشدهما حبا لصاحبه أشد إقبالا، فإذا تعانقا غمرتهما الرحمة، فإذا لبثا لا يريدان إلا وجهه لا يريدان غرضا من غرض الدنيا، قيل لهما: غفر لكما فاستأنفا، فإذا أقبلا على المسألة قالت الملائكة بعضهم لبعض: تنحوا عنهما، فان لهما سرا، وقد ستره الله عليهما.
قال إسحاق: قلت له: جعلت فداك لا يكتب علينا لفظنا فقد قال الله عز وجل:
" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " (1) قال: فتنفس ابن رسول الله صلى الله عليه وآله الصعداء قال: ثم بكى حتى خضبت دموعه لحيته. وقال: يا إسحاق إن الله تبارك وتعالى إنما نادى الملائكة أن يغيبوا عن المؤمنين إذا التقيا إجلالا لهما، فإذا كانت الملائكة لا تكتب لفظهما ولا تعرف كلامهما، فقد يعرفه الحافظ عليهما، عالم السر وأخفى، يا إسحاق فخف الله كأنك تراه، فان كنت لا تراه فإنه يراك فان كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها، فقد جعلته في حد أهون الناظرين إليك (2).
رجال الكشي: جعفر بن معروف، عن أبي الحسن الرازي، عن إسماعيل بن مهران عن سليمان الديلمي، عن إسحاق مثله (3).