بالايجاد وذلك ليس إلا لله تعالى وإياه قصد بقوله: " إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا " (1) الثالث عبد بالعبادة والخدمة، والناس في هذا ضربان عبد لله مخلصا وهو المقصود بقوله عز وجل " واذكر عبدنا أيوب " (2) وأمثاله وعبد للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها، وإياه قصد النبي صلى الله عليه وآله بقوله: تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، وعلى هذا النحو يصح أن يقال: ليس كل إنسان عبدا لله، فان العبد على هذا المعنى العابد لكن العبد أبلغ من العابد انتهى (3).
وأما قوله " من كمه أعمى " ففي القاموس الكمه محركة العمى يولد به الانسان أو عام كمه كفرح عمي وصار أعشى وبصره اعترته ظلمة تطمس عليه، والمكمه العينين كمعظم من لم تنفتح عيناه، والكامه من يركب رأسه ولا يدري أين يتوجه كالمتكمه وقال الجوهري: الأكمه الذي يولد أعمى وقد كمه بالكسر كمها واستعاره سويد فجعله عارضا بقوله:
كمهت عيناه حتى ابيضتا (4) وأبو سعيد: الكامه الذي يركب رأسه لا يدري أين يتوجه، يقال: خرج يتكمه في الأرض انتهى.
وقال الراغب: العمى يقال في افتقاد البصر، وافتقاد البصيرة، ويقال في الأول أعمى وفي الثاني أعمى وعم.
وإذا عرفت هذا فاعلم أن هذه الفقرة تحتمل وجوها: الأول ما مر من الصدوق رحمه الله وكأنه أظهرها الثاني أن يكون المعنى أضل أعمى البصر عن الطريق وحيره أولا يهديه إليها، الثالث أن يقول للأعمى يا أعمي أو يا أكمه معيرا له بذلك، الرابع أن يكون المعنى من يذهب طريقا ويختار مذهبا لا يدري هو أحق أم لا كأكثر الناس. فيكون كمه بكسر الميم المخففة مأخوذا من الكامه الذي ذكره الجوهري