بيان: " كن كيف شئت " الظاهر أنه أمر على التهديد نحو قوله تعالى:
" اعملوا ما شئتم " وقيل: كن كما شئت أن يعمل معك وتتوقعه، لقوله: " كما تدين تدان " وقد مر معناه " خفت مؤنته " اي مشقته في طلب المال وحفظه " وزكت " أي طهرت من الحرام " مكسبته " لان ترك الحرام والشبهة في القليل أسهل، أو نمت وحصلت فيه بركة مع قلته.
" وخرج من حد الفجور " اي من قرب الفجور والاشراف على الوقوع في الحرام، فان بين المال القليل والوقوع في الفجور فاصلة كثيرة، لقلة الدواعي وصاحب المال الكثير لكثرة دواعي الشرور والفجور فيه كأنه على حد هو منتهى الحلال وبأدنى شئ يخرج منه إلى الفجور، إما بالتقصير في الحقوق الواجبة فيه، أو بالطغيان اللازم له، أو بالقدرة على المحرمات التي تدعو النفس إليها، أو بالحرص الحاصل منه، فلا يكتفي بالحلال ويتجاوز إلى الحرام، وأشباه ذلك ويحتمل أن يكون المعنى خرج من حد الفجور، الذي تستلزمه كثرة المال إلى الخير والصلاح اللازم لقلة المال والأول أبلغ وأتم.
17 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عرفة، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: من لم يقنعه من الرزق إلا الكثير لم يكفه من العمل إلا الكثير، ومن كفاه من الرزق القليل، فإنه يكفيه من العمل القليل (1).
18 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ابن آدم! إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك، فان أيسر ما فيها يكفيك، وان كنت إنما تريد ما لا يكفيك فان كل ما فيها لا يكفيك (2).
بيان: " ما يكفيك " اي ما تكتفي وتقنع به اي بقدر الكفاف والضرورة وقوله: " فان أيسر " من قبيل وضع الدليل موضع المدلول أي فيحصل مرادك لان أيسر ما في الدنيا يمكن أن يكتفي به " وإن كنت تريد ما لا يكفيك " أي