وروي عن حجاج بن علاط السلمي أنه قدم مكة في ركب فأجنهم الليل بواد مخوف موحش فقال له أهل الركب: قم فخذ لنفسك أمانا لأصحابك، فجعل لا ينام بل يطوف بالركب ويقول:
أعيذ نفسي وأعيذ صحبي * من كل جني بهذا النقب حتى أعود سالما وركبي فسمع قائلا يقول: " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض " الآية (1)، فلما قدم مكة أخبر كفار قريش بما سمع، فقالوا:
صبأت (2) يا أبا كلاب، إن هذا يزعم أنه انزل على محمد (3)، فقال: والله لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي ثم أسلم وحسن إسلامه وهاجر إلى المدينة وابتنى بها مسجدا يعرف به.
وقال محمد بن الحسن الأبرسي: قال الربيع: سمعت الشافعي يقول: من زعم من أهل العدالة أنه يرى الجن أبطلنا شهادته لقوله تعالى: " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " إلا أن يكون الزاعم نبيا.
وعد ابن سعد والطبراني والحافظ وأبو موسى (4) وغيرهم عمرو بن جابر الجني في الصحابة فرووا بأسانيدهم عن صفوان بن المعطل السلمي أنه قال: خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب، فلم نلبث أن ماتت فأخرج لها رجل منا خرقة فلفها فيها ثم حفر لها في الأرض ثم قدمنا مكة فأتينا المسجد الحرام فوقف علينا رجل فقال: أيكم صاحب عمرو بن جابر؟ قلنا: ما نعرفه، قال: أيكم صاحب الجان؟ قالوا: هذا، قال: جزاك الله (5) خيرا أما إنه كان آخر التسعة الجن (6)