بالمدينة جنا قد أسلموا. وقال: لا يسمع نداء صوت المؤذن (1) جن ولا إنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة.
وروى المسلم عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير.
وروي: فأسلم بفتح الميم وضمها وصحح الخطابي الرفع، ورجح القاضي عياض والنووي الفتح، وأجمعت الأمة على عصمة النبي صلى الله عليه وآله من الشيطان، وإنما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه، وأعلمنا أنه معنا لنتحرز منه بحسب الامكان، والأحاديث في وجود الجن والشياطين لا تحصى، وكذلك أشعار العرب وأخبارها، فالنزاع في ذلك مكابرة فيما هو معلوم بالتواتر، ثم إنه أمر لا يحيله العقل ولا يكذبه الحس، ولذلك جرت التكاليف عليهم، ومما اشتهر أن سعد بن عبادة (2) لما لم يبايعه الناس وبايعوا أبا بكر سار إلى الشام فنزل حوران وأقام بها إلى أن مات في سنة خمس عشرة، ولم يختلفوا في أنه وجد ميتا في مغتسله بحوران وأنهم لم يشعروا بموته (3) حتى سمعوا قائلا يقول:
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة * فرميناه بسهمين ولم نخط فؤاده.
فحفظوا ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه ووقع في صحيح مسلم أنه شهد بدرا.