فينبت لكل ضرب من الحيوان ما قدر الله له من الغذاء (1).
وقال بعض المحققين: أقول: الأول كلام من خلا من التحصيل، والثاني تمثيل للتقريب من أفهام الجمهور وتفسير في الظاهر، وأما في الباطن والتأويل فالخزائن عبارة عما كتبه القلم الأعلى أولا على الوجه الكلي في لوح القضاء المحفوظ عن التبديل، الذي منه يجري ثانيا على الوجه الجزئي في لوح القدر الذي فيه المحو والاثبات تدرجا على التنزل، فإلى الأول أشير بقوله " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه " وبقوله " وعنده أم الكتاب " وإلى الثاني بقوله " وما ننزله إلا بقدر معلوم " ومنه ينزل ويظهر في عالم الشهادة، وعن السجاد عليه السلام: إن في العرش تمثال جميع ما خلق الله من البر والبحر، قال: وهذا تأويل قوله " وإن من شئ الآية " أراد عليه السلام به ما ذكرناه (انتهى).
" وأرسلنا الرياح لواقح " قيل: أي حوامل، شبه الريح التي جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل، كما شبه مالا يكون كذلك بالعقيم، أو ملقحات للشجر والسحاب، ونظيره الطوائح بمعنى المطيحات في قوله " ومختبط مما تطيح الطوائح ".
" فأسقيناكموه " أي فجعلناه لكم سقيا، يقال: سقيته حتى روي، وأسقيته نهرا، أي جعلته شرابا له. " وما أنتم له بخازنين " أي قادرين متمكنين من اخراجه نفى عنهم ما أثبته لنفسه، أو حافظين في الغدران والعيون والآبار، وذلك أيضا يدل على المدبر الحكيم، كما يدل عليه حركة الهواء في بعض الأوقات من بعض الجهات على وجه ينتفع به الناس، فإن طبيعة الماء تقتضي الغور، فوقوفه دون حد لابد له من سبب مخصص. " لكم منه شراب " قيل: أي ما تشربونه، و " لكم " صلة " أنزل " أو خبر " شراب " و " من " تبعيضية متعلقة به، وتقديمها يوهم حصر المشروب فيه، ولا بأس به، لان مياه العيون والآبار منه، لقوله " فسلكه ينابيع " وقوله " فأسكناه في الأرض ".