" ومنه شجر " أي ومنه يكون شجر، يعني الشجر الذي يرعاه المواشي، و قيل: كل ما ينبت على الأرض شجر " فيه تسيمون " أي ترعون مواشيكم، من سامت الماشية وأسامها صاحبها، وأصلها السومة وهي العلامة، لأنها تؤثر بالرعي علامات. " فأحيى به الأرض بعد موتها " أنبت فيها أنواع النبات بعد يبسها " لقوم يسمعون " أي سماع تدبر وإنصاف.
" وترى الأرض هامدة " أي ميتة يابسة، من همدت النار إذا صارت رمادا " اهتزت " أي تحركت بالنبات " وربت " أي انتفخت " وأنبتت " على المجاز لان المنبت هو الله تعالى " من كل زوج " أي من كل نوع من أنواع النبات " بهيج " البهجة: حسن الشئ ونضارته، والبهيج بمعنى المبهج، قال المبرد:
هو الشئ المشرق الجميل.
" ألم تر " أي ألم تعلم، وقيل: المراد الرؤية بالبصر " فتصبح الأرض " إنما لم يقل أصبحت ليدل على بقاء [أثر] المطر زمانا بعد زمان، وإنما لم ينصب جوابا للاستفهام، لأنه لو نصب لأعطى عكس ما هو الغرض، لان معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار " إن الله لطيف " يصل علمه أو لطفه إلى كل ما جل ودق " خبير " بالتدابير الظاهرة والباطنة.
" وأنزلنا من السماء ماء " قال الرازي: من قال إن المراد بالسماء السحاب قال إن الله تعالى أصعد الاجزاء المائية من قعر الأرض ومن البحار إلى السماء حتى صارت عذبة صافية بسبب ذلك التصعيد، ثم إن تلك الذرات تأتلف وتتكيف (1) ثم ينزله الله على قدر الحاجة إليه، ولولا ذلك لم ينتفع بتلك المياه لتفرقها في قعر الأرض، ولا بماء البحر لملوحته، ولأنه لا حيلة في إجراء مياه البحار على وجه الأرض، لان البحار هي الغاية في العمق. وهذه الوجوه إنما يتمحلها من ينكر الفاعل المختار، وأما من أقر به فلا حاجة له إلى شئ منها. " بقدر " أي بتقدير يسلمون معه من المضرة ويصلون به إلى المنفعة في الزرع والغرس والشرب