لاتباعه استعارة تبعية، بل من حيث إن النازل على الحقيقة محله وهو تلك الصورة البشرية المتشبحة النازلة أو تجوز عقلي لا في شئ من الطرفين بل في الاسناد، على أن الأصوات والحروف والألفاظ ليست أعراضا حالة في لسان المتكلم، بل هي تقطيعات عارضة للهواء من تلقاء حركة اللسان.
إن قلت: بنيت الامر فيما أفدت على القول بالانطباع في باب الرؤية، فما سبيل القول هنالك على المذهبين الآخرين وهما خروج الشعاع أي في فيضانه من المبدأ الفياض منبثا في الهواء المتوسط بين الجليدية وسطح المرئي على هيئة المخروط وحصول الإضافة الاشراقية للنفس المستوجبة للانكشاف الابصاري ما دامت المقابلة بين المرئي والجليدية على تلك الهيئة.
قلت: لست أكترث لذلك، إذ إنما يسمى ذلك الخلاف وتثليث القول في المواد الخارجية والرؤية من مسلك الجليدية، ومن مذهب الظاهر، لا في الابصار من سبيل الباطن ومذهب الغيب من دون الاخذ من مادة خارجية. ثم الآراء الثلاثة متحاذية الاقدام في تطابق اللوازم واتحاد الاحكام، حذو القذة بالقذة.
والسواد الأعظم على مسلك الانطباع، ويشبه أن يكون الحق لا يتعداه، وما يتجشمه فرق من فرق الإضافة الاشراقية من إثبات صور معلقة خيالية في عالم معلق مثالي ليستتب الامر في صور المرايا والصور الخيالية وأمور الايحاءات ومواعيد النبوات. قلت: لا أجد لاتجاه البرهان إليه مساقا، بل أجده بتماثيل الصوفية أشبه منه بقوانين الحكماء، وحق القول الفصل فيه على ذمة كتبنا البرهانية (انتهى).
فلعله - رحمه الله - حاول تحقيق الامر على مذاق المتفلسفين، ومزج رحيق الحق بمموهات آراء المنحرفين عن طرق الشرع المبين، مع تباين السبيلين، و وضوح الحق من البين، وقد اتضح بما أسلفنا صريح الامر لذي عينين، وسنذكر ما يكشف أغشية الشبه رأسا عن العين.
85 - أقول: روينا باسنادنا عن الحسن بن محمد بن إسماعيل بن أشناس البزاز