ينقبض، وحينئذ تحصل منه الأقسام المذكورة.
والجواب: أنا لما دللنا على حدوث الأجسام وتوسلنا بذلك إلى كونه سبحانه قادرا مختارا يمكنه إيجاد الأجسام لم يمكنا القطع بما ذكرتموه، لاحتمال أنه سبحانه خلق أجزاء السحاب دفعة لا بالطريق الذي ذكرتموه، وأيضا فهب أن الامر كما ذكرتم ولكن الأجسام بالاتفاق ممكنة في ذواتها ولابد لها من مؤثر ثم إنها متماثلة فاختصاص كل واحد منها بصفته المعينة من الصعود والهبوط و اللطافة والكثافة والحرارة والبرودة لابد له من مخصص، فإذا كان هو سبحانه خالقا لتلك الطبائع، وتلك الطبائع مؤثرة في هذه الأحوال، وخالق السبب خالق المسبب، فكان سبحانه هو الذي يزجي سحابا، لأنه هو الذي خلق تلك الطبائع المحركة لتلك الأبخرة من باطن الأرض إلى جو الهواء، ثم تلك الأبخرة ترادفت في صعودها والتصق بعضها بالبعض، فهو سبحانه هو الذي جعله ركاما، فثبت أنه على جميع التقديرات وجه الاستدلال بهذه الأشياء على القدرة والحكمة ظاهر بين (1) (انتهى).
" فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء " الضميران للبرد والإصابة بإهلاك الزرع والمال، وقد يهلك الأنفس أيضا " يكاد سنا برقه " أي يقرب ضوء برق السحاب أن " يذهب بالابصار " أبصار الناظرين إليه من فرط الإضاءة " يقلب الله الليل والنهار " بالمعاقبة بينهما أو بنقص أحدهما وزيادة الآخر، أو بتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور، أو ما يعم ذلك " إن في ذلك " أي في ما تقدم ذكره " لعبرة لأولي الابصار " أي لأولي البصائر والعقول: لدلالته على وجود الصانع القديم وكمال قدرته وإحاطة علمه ونفاذ مشيته وتنزهه عن الحاجة وما يفضي إليها لمن يرجع إلى بصيرة.
" بشرا " قرأ عاصم بالباء المضمومة، أي مبشرات جمع بشور، وابن عامر بالنون والسكون، أي ناشرات للسحاب، والكسائي بفتح النون مصدرا " بين