فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي، ملائكة الليل (1) وملائكة النهار، فهم عشرون ملكا على كل آدمي.
ثم قال: فإن قيل: ما الفائدة في جعل هؤلاء الملائكة موكلين علينا؟ قلنا:
اعلم أن هذا الكلام غير مستبعد، وذلك لان المنجمين اتفقوا على أن التدبير في كل يوم لكوكب على حدة، وكذا القول في كل ليلة، ولا شك أن تلك الكواكب لها أرواح عندهم، فتلك التدبيرات المختلفة في الحقيقة لتلك الأرواح وأما أصحاب الطلسمات فهذا الكلام مشهور في ألسنتهم، ولذلك فإنهم (2) يقولون أخبرني طبائع التام (3)، ومرادهم بالطبائع التام أن لكل انسان روحا فلكية تتولى إصلاح مهماته ورفع (4) بلياته وآفاته، وإذا كان هذا متفقا عليه بين قدماء الفلاسفة وأصحاب الاحكام فكيف يستبعد مجيئه من الشرع؟ وتمام التحقيق فيه أن الأرواح البشرية مختلفة في جواهرها وطبائعها، فبعضها خيرة وبعضها شريرة، وبعضها قوية القهر والسلطان وبعضها سخيفة (5)، وكما أن الامر في الأرواح البشرية كذلك (6) الامر في الأرواح الفلكية، لكنه لا شك أن الأرواح الفلكية في كل باب وصفة أقوى من الأرواح البشرية، فكل طائفة من الأرواح تكون مشاركة (7) في طبيعة خاصة وصفة مخصوصة، فإنها تكون في مرتبة روح من الأرواح الفلكية، مشاكلة لها في الطبيعة والخاصية، وتكون تلك الأرواح البشرية كأنها أولاد لذلك الروح الفلكي، ومتى كان الامر كذلك فان ذلك الروح الفلكي يكون معينا لها على مهماتها، ومرشدا لها إلى مصالحها، وعاصما