وبمقدار ما علمنا من حاجاتهم ومصالحهم. " فأسكناه في الأرض " قيل: جعلناه ثابتا في الأرض، قال ابن عباس: أنزل الله تعالى من الجنة خمسة أنهار: سيحون وجيحون، ودجلة، والفرات، والنيل، ثم يرفعها عند خروج يأجوج ومأجوج ويرفع أيضا القرآن. " وإنا على ذهاب به لقادرون " أي كما قدرنا على إنزاله نقدر على رفعه وإزالته. ولما نبه سبحانه على عظم نعمته بخلق الماء ذكر بعده النعم الحاصلة من الماء فقال: " فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب " وإنما خصهما لكثرة منافعهما، فإنهما يقومان مقام الطعام ومقام الادام ومقام الفاكهة رطبا ويابسا. وقوله " لكم فيها فواكه كثيرة " أي في الجنات، فكما أن فيها النخيل والأعناب فيها الفواكه الكثيرة، وقوله " ومنها تأكلون " قال الزمخشري يجوز أن يكون هذا من قولهم: فلان يأكل من حرفة يحترفها، ومن صنعة فعلها يعنون أنها طعمته وجهته التي يحصل منها رزقه، كأنه قال: وهذه الجنات وجوه أرزاقكم ومعاشكم منها تتعيشون (1).
" ألم تر " بعين عقلك ولم تعلم " أن الله يزجي سحابا " أي يسوقه، ومنه البضاعة المزجاة، فإنها يزجيها كل أحد " ثم يؤلف بينه " بأن يكون قزعا فيضم بعضها إلى بعض، وبهذا الاعتبار صح " بينه " إذ المعنى: بين أجزائه " ثم يجعله ركاما " أي متراكما بعضه على بعض " فترى الودق " أي المطر " يخرج من خلاله " أي من فتوقه جمع خلل كجبال في جبل " وينزل من السماء " قيل: أي من الغمام وكل ما علاك فهو سماؤك " من جبال فيها من برد " قيل: أي قطع عظام تشبه الجبال في عظمها أو جمودها " من برد " بيان للجبال والمفعول محذوف أي ينزل حينئذ ماء من السماء من جبال، ويجوز أن تكون " من " الثانية والثالثة للتبعيض واقعة موقع المفعول، وقيل: المراد بالسماء المظلة وفيها جبال من برد كما في الأرض جبال من حجر، وعليه ظواهر كثير من الاخبار ولم يدل دليل قاطع على نفيه.
قال الرازي: قال أهل الطبائع إن تكون السحاب والمطر والثلج