يستبعد ذلك ونحن نرى أن السمندر يتولد في النار، والضفادع تتولد في السحاب (1) والدودة العظيمة ربما تولدت في الثلوج القديمة؟ وأيضا إذا لم يبعد تسبيح الجبال في زمن داود عليه السلام ولا تسبيح الحصى في زمن محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يبعد تسبيح السحاب؟
وعلى هذا القول فهذا الشئ المسمى بالرعد ملك أوليس بملك فيه قولان:
أحدهما أنه ليس بملك لأنه عطف عليه الملائكة، والثاني أنه لا يبعد أن يكون من جنس الملائكة وأفرد بالذكر على سبيل التشريف.
القول الثاني: أن الرعد اسم لهذا الصوت المخصوص، ومع ذلك فإن الرعد يسبح لله تعالى، لان التسبيح والتقديس وما يجري مجراهما ليس إلا وجود لفظ يدل على حصول النزاهة والتقديس لله تعالى، فلما كان حدوث هذا الصوت دليلا على وجود [موجود] متعال عن النقص والامكان كان ذلك في الحقيقة تسبيحا وهو معنى قوله " وإن من شئ إلا يسبح بحمده ".
الثالث: أن المراد من كون الرعد مسبحا أن من سمع الرعد فإنه يسبح الله تعالى، فلهذا المعنى أضيف هذا التسبيح إليه.
الرابع: من كلمات الصوفية: الرعد صعقات الملائكة، والبرق زفرات أفئدتهم، والمطر بكاؤهم.
ثم قال: واعلم أن المحققين من الحكماء يذكرون أن هذه الآثار العلوية إنما تتم بقوى روحانية فلكية، فللسحاب روح معين من الأرواح الفلكية يدبره وكذا القول في الرياح وسائر [الآثار] العلوية. وهذا غير ما نقلنا أن الرعد اسم الملك.
ثم قال: أمر الصاعقة عجيب جدا، وذلك لأنها نار تتولد في السحاب.
فإذا نزلت من السحاب فربما غاضت البحر وأحرقت الحيتان تحت البحر! والحكماء بالغوا في وصف قوتها. ووجه الاستدلال أن النار حارة يابسة، وطبيعتها ضد طبيعة السحاب، فوجب أن يكون طبيعتها في الحرارة واليبوسة أضعف من طبيعة النيران