كما هو المطلوب. ثم إن خلق الشمس غير طلوعها فلما كانت حين خلقها في وسط السماء كما في الحديث المذكور فالظاهر أنه أشار به ههنا إلى موافقة اليوم التالي لخلقها للنيروز لا يوم خلقها فتدبر.
وعاشرا: أن ما ذكره من مناسبة ما في الرواية من خلق زهرة الأرض فيه لأول الحمل دون الجدي غير ظاهر، إذ لقائل أن يقول: لعل مبدأ خلقها أول الجدي، وظهورها على وجه الأرض بعده، مع أن ذلك متفاوت بحسب البلاد جدا، وأيضا كونه غير مناسب للجدي لا يدفع سائر التفسيرات المذكورة للنيروز ولا يتعين بدونه المطلوب، فيجوز أن يكون خلق زهرة الأرض وكذا خلق الشمس أو طلوعها في يوم يكون موافقا من جهة الحساب المتداول بين الفرس في سنيهم لأول فروردينهم، فجعل يدور في الفصول على طبق دورانه فيها بالأسباب التي ذكرناها غير مرة، فلو فرضناه في أول الخلق مطابقا لأول نزول الشمس برج الحمل أيضا لكان مثل مطابقته حينئذ لسائر الأوضاع الغير المطلوبة كمواضع سائر الكواكب فحفظ تلك المطابقة فيه غير لازم لئلا يختل به ما هو المطلوب مما استقر بينهم إلى زمان النبي صلى الله عليه وآله واستمر بعده إلى زماننا من ضوابط حساب السنين.
فان قلت: رعاية الكبيسة كما نقل عن الفرس دالة على أن مقصود أقدميهم منها محافظة وضع معين للشمس بالنسبة إلى مبدأ سنيهم في الجملة، فالمظنون أنهم كانوا عينوا لذلك أول الربيع - كما قيل - لظهور امتيازه عن غيره بالحسن واعتدال الهواء وقوة النشوء والنماء في معظم المعمورة، فبمحض حدوث دورانه في الفصول بحسب تجدد الرسوم الاصطلاحية كيف سقط مقصودهم الأصلي عن درجة الاعتبار بالكلية وصار المعتبر مقتضى ما استقر بينهم من الرسوم الحادثة؟
قلنا: سلمنا قصدهم بدون مضايقة في تعيينهم أول الربيع لذلك أيضا مع أن ما يحصل من ضبط كبيستهم في مائة وعشرين سنة يحصل بدونها أيضا في مدة أكثر منه، والفرق بين القلة والكثرة في مثلها مشكل، ومع أن الروم أيضا مشاركون لهم في رعاية الكبيسة بل أضبط منهم فيها بدون التعيين المذكور ولكن نعلم أن المصالح