ظنا منه أو ممن تولى ذلك له أن إهمالهم أمر الكبس هو من لدن ذلك الوقت، فوجده مأتين وثلاثا وأربعين سنة، وحصتها من الأرباع ستون يوما وكسر، فزاد ذلك على النوروز في سنة، وجعله منتهى تلك الأيام، وهو أول يوم من خرداد ماه في تلك السنة، وكان يوم الأربعاء وافقه اليوم الحادي عشر من حزيران، ثم وضع النوروز على شهور الروم لتنكبس شهوره إذا كبست الروم شهورها، وكان المتولي لإمضاء ما أمر وزيره أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب، وقال علي بن يحيى في ذلك " شعر ":
يوم نيروزك يوم واحد لا يتأخر * من حزيران يوافي أبدا في أحد عشر وهذا وإن دقق في تحصيله فلم يعد به النوروز إلى ما كان عليه عند الكبس في دولة الفرس، وذلك أن إهمال كبسهم كان قبل هلاك يزدجرد بقريب من سبعين سنة، لأنهم كانوا كبسوا السنة في زمان يزدجرد بن شابور بشهرين: أحدهما لما لزم السنة من التأخر وهو الواجب، ووضعوا اللواحق خلفه علامة له، وكانت النوبة لأبان ماه كما سنذكره، والشهر الآخر للمستأنف ليكون مفروغا منه إلى مدة طويلة، فإذا اسقط عن السنين التي بين يزدجرد بن شابور وبينه مائة وعشرون سنة بقي بالتقريب سبعون سنة لا بالتحقيق، فإن تواريخ الفرس مضطربة جدا وتكون حصة هذا السبعين سنة من الأرباع قريبا من سبعة عشر يوما، فكان يجب بالتحليل من القياس أن يؤخر سبعة وسبعين يوما لا ستين يوما، حتى يكون النوروز في ثمانية وعشرين من حزيران، ولكن المتولي لذلك ظن أن طريقة الفرس في الكبس كانت شبيهة بالتي يسلكه الروم فيه، فحسب الأيام من لدن زوال ملكهم، والأمر فيها على خلاف ذلك كما بينا وسنبين.
ثم قال: هذا التاريخ آخر المشهورة، ولعل أن يكون للأمم الشاسعة ديارها من ديارنا تواريخ لم تتصل بنا أو متروكة كالمجوس في مجوسيتها، فإنها كانت تؤرخ بقيام ملوكهم أولا فأولا، فإذا مات أحدهم تركوا تاريخه وانتقلوا إلى تاريخ القائم بعده منهم. انتهى ما أردت إيراده من كتابه.