للتفاوت بيوم أو يومين، فإنه قادح ولو كان قليلا، ولو فرضنا مطابقته أيضا لكان غاية الأمر أن يكون في يوم الغدير اتفق الأمران الغير المتفقين إلا في مدة مديدة فلا يفيد المطلوب. على أن مطابقة يوم الغدير للنيروز بأي معنى كان لا ينفع في المطلوب بدون مطابقة سائر الأيام المذكورة في الروايتين موافقتها له، وستتضح عن قريب استحالة مطابقتها لأول الحمل دون فروردين.
فان قيل: يظهر من كلام كوشيار وأبي ريحان في بعض تصانيفهما أن الاعتدال الربيعي معتبر عند الاحكاميين في طالع السنة وحساب الأدوار، وفيهم المشهورون من أهل الفرس كزردشت وجاماسب، فعلى ذلك يمكن أن يكون المراد بالنيروز المعتبر بأول سنة الفرس في الرواية ذلك الوقت بالاعتبار المذكور.
قلنا: أولا سلمنا اعتبار الوقت المذكور عندهم فيما اعتبروه فيه، ولكن لم ينقل أنهم يعبرون عنه بالنيروز أو يتباركون فيه ويجعلونه عيدا كما يفهم من الرواية.
وثانيا: أن التعبير عن الاحكاميين بالفرس بمحض كون بعضهم منهم بعيد جدا، بل معلوم لأهل اللسان أن إطلاق الفرس المستعمل في مقابل الروم والعرب ليس إلا على الطائفة العظيمة التي من رعايا الملوك المشهورة من جمشيد وافريدون إلى كسرى ويزدجرد، فالمراد بنيروزهم وأول سنتهم يوم كان جعله عيدا في كل سنة معمولا عند الملوك المذكورة في زمانهم، ولا خلاف بين أهل الخبرة في أنه كان أول فروردينهم الدائر في الفصول بالأسباب التي قررنا.
وثالثا: أن من تأمل وأنصف علم أن التعبير عن ذلك اليوم بنيروز الفرس تارة وأول سنتهم أخرى لأجل أنه ليس يوما معينا بحسب الفصل، وإلا فما المانع من التعبير عنه بأول الربيع وأول الحمل المعلوم لكل أحد بدون احتياج إلى تفسير أصلا؟
ورابعا: أن أهل اللغة صرحوا بتفسير النيروز بأول يوم من فروردين الفرس، وإطلاقه على أول الربيع من زمان ملك شاه وفي زماننا مجاز بعلاقة ما