وهذا وإن كان مؤيدا لترك الكبس في زمان يزدجرد ودوران النيروز في الفصول لكن لا يدل على الاسقاط وينافي بعض الضوابط المتقدمة، وسيأتي مما سننقل عنه ما يؤيد ذلك أيضا.
وبالجملة الأمر في الأخبار الواردة في ذلك مردد بين أمور:
الأول: أن يكون بناؤها على اسقاط الأرباع والخمسة أيضا كما كانت سنة الملوك البيشدادية أو بعض ملوك الهند كما أو مأنا إليهما سابقا، ويومئ إليه قوله عليه السلام في خبر المعلى " هي أيام قديمة من الشهور القديمة كل شهر ثلاثون يوما بلا زيادة فيه ولا نقصان " ويؤيده الأخبار الكثيرة الدالة على أن السنة ثلاثمائة وستون يوما فيكون أول الفروردين على هذا الحساب نوروزا.
ويرد عليه أن حوالة النيروز والسنة على اصطلاح متروك لا يعلم تعيينه ولا ابتداء شهورها بعيد عن مقنن القوانين كما عرفت.
الثاني: أن تكون مبنية على (1) الفرس القديم الذي مر ذكره وهو قوي لكن بناء أمر من الأمور الشرعية على اصطلاح متبدل متغير يتبع في كل زمان رأي سلطان من سلاطين الجور أو غفلتهم أو عدم تمكنهم من الكبس كما وقع بعد يزدجرد بعيد جدا، وأيضا الظاهر أن فضل هذا اليوم إما بسبب الأمور المقارنة له والأحوال الواقعة فيه وكثير من الأمور متعلقة بما قبل زمان يزدجرد وكان قبل ذلك مبنيا على الكبس وبعده سقط ذلك، وإما بسبب بعض الأوضاع الفلكية أو الأرضية كدخول برج من البروج أو درجة من درجاتها أو ظهور الأزهار ونبات النباتات والأشجار ونحو ذلك وشئ منها غير منضبط في النيروز بهذا المعنى، ومع جميع ذلك فهو بحسب الدليل كأنه أقوى من الجميع.
الثالث: أن يكون المراد بها النيروز القديم المبني على الكبس في كل مائة وعشرين سنة كما عرفت، لأنه الأصل عند الفرس وإنما طرأ اسقاط الكبس لاختلال أحوالهم وعدم تمكنهم من ضبط قواعدهم. ويرد عليه ما مر من أن بناء